التلبس بأضداده في نفس ذلك اليوم، كذلك التلبس في نصفين من يومين يمنع عن التلبس بأضداده في مقدار يوم واحد. فالعمدة في الباب هو التصرف في اليوم بإرادة مقداره دون نفسه، وإلا فقضية الفعلية في الشاغلية، أو اقتضاء الشغل بمفهومه أو بلازمه كما أطنب فيه الباحثون عن المسألة أجنبية عن المقصود، والله المسدد.
ومنها: أخبار عرفات (1) وهي كثيرة مشتملة على تشديد بالغ على المتمين في هذا السفر، إلا أن جملة منها مشتملة إما صدرا أو ذيلا على ما يرد عليه بعض الاعتراضات، ويكفي في الباب بعض الروايات الخالية عن تلك المحاذير كصحيحة معاوية بن وهب (2) " إنه قال لأبي عبد الله (عليه السلام): إن أهل مكة يتمون الصلاة بعرفات، فقال (عليه السلام): ويحهم أو ويلهم وأي سفر أشد منه لا تتم " (3) وفي نسخة أخرى لا تتموا. وموثقة معاوية بن عمار " قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): في كم التقصير؟ فقال (عليه السلام): في بريد ألا ترى أن أهل مكة إذا خرجوا إلى عرفة كان عليهم التقصير " (4). وقد تضمن هذا الخبر الشريف للموضوع وحكمه، وأما ما في بعضها: " ويحهم كأنهم لم يحجوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقصروا " (5) فربما يعترض عليه بما محصله بتوضيح مني إن حجه (صلى الله عليه وآله) قبل الهجرة ليس مرتبطا بالمقام فإن آية التقصير نزلت في المدينة، وأول سفر قصر النبي (صلى الله عليه وآله) فيه سفره إلى ذي خشب وهو بريدان من المدينة فقصر وأفطر كما نص بكل ذلك الأخبار. وأما حجه بعد الهجرة فلم يحج (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا حجة الوداع، وقيل إنه ثبت بالأخبار ونص أهل السير والآثار أن خروجه لحجة الوداع كان يوم السابع والعشرين من ذي القعدة، وفي صحيحة معاوية بن عمار: " في أربع بقين من ذي