الخطوط هو مناط بين البلد والمقصد وهو هنا قطر الدائرة، كيف والكل ذهبوا إلى حصول المسافة بسلوك الطريق الأبعد إذا كان طريقان للبلد، بل نظره (قدس سره) إلى أن الشخص ليس له في هذه الصورة مقصد يلاحظ بعده عن البلد، ولا منتهى الحركة مقصده لأنه عين مبدء الحركة، فلا يعقل أن تكون حركته لا جل الكون في مبدء الحركة لحصوله قبل الحركة، بل نفس الحركة على وجه الاستدارة مقصودة، ففرضه المرور على قطر الدائرة وهو بعدها على وجه الاستدارة، فمروره الأول على القطر ذهاب، ومروره الثاني على ما يحاذي الأول إياب.
ويندفع بأن لزوم المقصد من قرية أو ضيعة ونحوهما بلا ملزم، بل المسافرة يتحقق بالحركة بمقدار ثمانية فراسخ وطبع الحركة يقتضي ما منه الحركة وما إليه الحركة، غاية الأمر إن ما إليه الحركة في الحركة المستقيمة غير ما منه الحركة، وفي الحركة المستديرة متحد مع ما منه الحركة.
نعم الفرض تارة يتعلق بالوصول إلى ما إليه الحركة كما في الحركة المستقيمة غالبا، وأخرى يتعلق بنفس الحركة المستديرة، كما إذا أراد مساحة الأرض بنحو الاستدارة ليحدث فيها بستانا أو قرية محيطها كذا وكذا فرسخا وتفاوت الأغراض لا يوجب تفاوتا في ناحية الحركة المستقيمة والمستديرة، ولا فيما إذا كان على أحد قوسي المستديرة مقصد أولا.
ومما ذكرنا يتبين إن مقدار الحركة المعتبرة شرعا يلاحظ دائما بالنسبة إلى نفس خط السير، مستقيما كان أو مستديرا، لا إلى قطر الدائرة فيما إذا لم يقصد محلا مخصوصا على أطراف الخط المستدير.
ويتفرع على سقوط قطر الدائرة عن كونه مناطا للبعد المعتبر في المسافة شرعا: إن الحركة في هذه الصورة كلها ذهابية إذ لم يقصد النقطة المسامتة لنقطة المبدء حتى يكون التجاوز عنها إيابا ورجوعا، بل قصد السير المنتهي إلى مبدء الحركة لفرض قصد الحركة إليه بنحو الاستدارة، فالحركة بين المبدء والمنتهى المقصودة بالذات ذهاب لا إياب له. وعليه فإذا كان مجموع محيط الدائرة تسعة فراسخ كانت المسافة المعتبرة متحققة بلا تلفيق حتى يعتبر فيها الرجوع ليومه على القول بله، وإن كان قطر