القعدة) (1) ودخل مكة في أربع من ذي الحجة بحيث لم يبق له (صلى الله عليه وآله وسلم) مجال للإقامة بها، فقصره (صلى الله عليه وآله) مستند إلى سفره من المدينة لا إلى سفره من مكة، قيل ولم يلزم انقطاع سفره بورود مكة لأنه لم يبق له (صلى الله عليه وآله) ملك بها لأن عقيلا باع داره (صلى الله عليه وآله وسلم) ولذا قال (صلى الله عليه وآله): - حين قيل له أتنزل دارك غدا؟
وهل ترك لنا عقيل دارا؟ (2) ويمكن اختيار الشق الثاني.
ودفع الاشكال بأن المرور إلى الوطن كاف في انقطاع السفر ولم يشترط في الوطن الأصلي أن يكون للمتوطن ملك كما سيجئ إن شاء الله تعالى ومن البعيد جدا إعراضه (صلى الله عليه وآله) عن هذا الوطن العزيز مع كمال العلقة القلبية منه (صلى الله عليه وآله) به فتدبر.
وبالجملة فمن المسلم بالأخبار والآثار أن المسافة من مكة إلى عرفات أربعة فراسخ، كما أنه من المسلم عدم الرجوع ليومه للسواد الأعظم مع الترتيب المنتظم للحاج من حيث الخروج يوم التروية والبيتوتة بمعنى ليلة عرفة، والخروج في نهارها إلى عرفات، والبقاء فيها إلى الغروب والبيتوتة بمشعر الحرام، وإتيان جملة من المناسك يوم العيد، مع عدم تعين زيارة البيت في يوم العيد، فلا رجوع ليومه بوجه.
فهذه الأخبار بعد التقييد بأخبار التلفيق من أقوى الأدلة على عدم اعتبار الرجوع ليومه ولا إعراض عنها.
وتوضيح المقام: إن أخبار عرفات كالأخبار السابقة المتضمنة للبريد ظاهرة في أن أربعة فراسخ حد السفر، وكون المورد هنا مما له الرجوع لغير يومه، لا يقتضي اعتبار أصل الرجوع فالمائز بين هاتين الطائفتين أن هذه الطائفة يتعين في موردها الرجوع دون تلك الطائفة. فهذه الأخبار بنفسها معارضة لظاهر أخبار الثمانية الامتدادية، ولظاهر أخبار التلفيق، ولظاهر ما يدعى دلالته مما سيأتي إن شاء الله