يسيره الجمالون والمكاريون " (1) وهذه الروايات صريحة في إرادة المسير بسير معتدل يوافق ثمانية فراسخ ولا يتخلف أحدهما عن الآخر، ومسير يوم أقل من ثمانية، ليس من السير المعتدل الذي هو موضوع الحكم، والسير السريع في بعض اليوم إذا كان ثمانية فراسخ هو مسير يوم بالسير المعتدل، فهو داخل في موضوع الحكم. فهذه الروايات قرينة على المراد من مسيرة يوم الظاهرة إطلاقا في جميع أنحاء المسير كما فهمه الراوي، وقال:
" إن بياض يوم يختلف ". وهذا غير تنزيل إطلاق مسير يوم على الغالب الموافق لثمانية، فيحكم بتعين الثمانية وافقت مسير يوم أم لا، فإن التنزيل على الغالب يوجب تيقنه لا تعينه، فيبقى الغير الغالب مسكوتا عنه ولا يوجب تعين الثمانية مطلقا، لأن إطلاقها أيضا منزل على الغالب الموافق لمسير يوم، فالثمانية في بعض اليوم مسكوت عنها، فراجع ما أفاده الشيخ العلامة الأنصاري (قدس سره) في بعض تحريراته في صلاة المسافر (2).
وحيث عرفت موافقة مسير يوم لثمانية فراسخ بمقتضى النصوص. فاعلم أن الأمر في هذين العنوانين يدور بين أمور، إما كونهما معرفين للشرط، وإما كونهما شرطا وملاكا للحكم، إما تعيينا وإما تخييرا، وإما كون أحدهما المعين شرطا والآخر معرفا له، لا مجال للأول، فإنه إنما يعقل كونهما معرفين إذا كان ما يقبل أن يكون شرطا كما في خفاء الأذان وخفاء الجدران، بالنسبة إلى البعد المخصوص عن البلد في نظر الشارع، وأما السير، فهو إما متكمم بالكمية الزمانية الغير القارة، وإما متكمم بالعرض بالكمية القارة المكانية المساحية، ومع قطع النظر عن الكمية الاتصالية من الوجهين لا يبقى إلا طبيعة السير المهملة اللا متعينة بأحد التعينين، وهي مع أنها ليست موضوع الحكم لا يعقل أن تكون إحدى الكميتين معرفة لها، بل منوعة لها، ولا سبيل إلى الثاني، لأنه مع فرض الملازمة بين العنوانين كما عرفت، يغني شرطية