وإنما التلفيق يستفاد من أخبار أخر، وهي كثيرة.
ومجمل الكلام فيه: أن جملة من الصحاح صريحة في أن أدنى ما يقصر فيه بريد، وهي أربعة فراسخ. ففي صحيحة زرارة " التقصير في بريد، والبريد أربعة فراسخ " (1). وفي صحيحة أبي أيوب " قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أدنى ما يقصر فيه المسافر؟ قال (عليه السلام): بريد " (2). وفي صحيحة إسماعيل بن الفضل الهاشمي " قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): عن التقصير، فقال (عليه السلام): في أربعة فراسخ " (3) وفي صحيحة زيد الشحام " قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: يقصر الرجل في مسيرة اثني عشر ميلا " (4). إلى غير ذلك مما يؤدي هذا المعنى، ومنافاته لما سبق من اعتبار الثمانية رأسا واضحة، ولا استبعاد أن تكون الأربعة أدنى ما يوجب القصر، فهو تخفيف بعد التخفيف في أصل القصر إلا أنه لا يعقل أن يكون الأكثر سببا للقصر على حد سببية الأقل المأخوذ لا بشرط، فلا بد من حمل أخبار الأربعة على الرخصة وأخبار الثمانية على العزيمة.
إلا أنه هناك طائفة من الأخبار شارحة لكلتا الطائفتين.
منها: صحيحة معاوية بن وهب " قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أدنى ما يقصر فيه المسافر الصلاة؟ فقال (عليه السلام): بريد ذاهبا وبريد جائيا " (5).
ومنها: مصححة سليمان بن حفص " قال: قال الفقيه (عليه السلام): التقصير في الصلاة بريدان أو بريد ذاهبا وبريد جائيا " (6) الخبر. وغاية ما يستفاد منهما إلحاق الملفق بالامتدادي في الحكم.