فوجدت ابن تيمية قد جمع كل قواه ليستفرغ في كتابه هذا كل ما وسعه استفراغه للحد من تأثير (منهاج الكرامة) الذي كان مصدر قلق لكثير ممن هم حول ابن تيمية - تماما كما فعل ابن حجر المكي في (صواعقه) وصرح في ديباجته بالقلق من انتشار التشيع في زمنه في مكة - بأساليب قد لا توجد في أي مؤلف آخر في الصراع العقيدي بين المسلمين.
ومن هنا... فقد رأينا أن (منهاج السنة) هو المدخل الأمثل للتعرف على مؤلفه (ابن تيمية)، فبدلا من أن نرجع إلى كلمات العلماء - من المعاصرين له والمتأخرين عنه - فإن كتابه هذا خير مصدر يعرفنا روحه، ونفسه، ومنطقه، وثقافته، وآفاقه، وعقائده، وفقهه، ومنهجه في التعامل مع مصادر التشريع الإسلامي ومع التاريخ الإسلامي ووقائعه، حتى ليصدق القول: إن من لم يتدبر (منهاج السنة) لم يعرف ابن تيمية معرفة صحيحة كاملة.
إن الذي قصدناه في هذه (الدراسات) هو التعرف على ابن تيمية والتعريف به، التعريف الأصدق والأتم، وإعطاء الصورة الحقيقية لرجل تنازع فيه قومه طويلا، وانشعبوا حوله شعبا، فمنهم من تعصب له حتى سماه (شيخ الإسلام) وجعله المفتاح الأوحد لمعرفة عقائد الإسلام... ومنهم من عكس وتعصب، حتى كفر من يلقبه بذاك اللقب، ومنذ عصره كان النزاع فيه بين أقوام بالغوا في تعظيمه، وآخرين كالوا عليه شتى التهم...
فرأينا أن الأحرى أن نرجع إلى ابن تيمية نفسه لمعرفته على حقيقته، بعيدا عن كل ما قيل فيه، ولا ريب أن أهم كتبه وأكبرها وأشهرها هو (منهاج السنة)...
وكان من المناسب تقديم التعريف بالعلامة الحلي وكتابه (منهاج الكرامة)، لكونه المردود بكتاب (منهاج السنة)...
فكانت هذه (الدراسات). وبالله التوفيق.