يعرف ويوصف.
ومع هذا، فقد قيل: إنه كان في آخر عمره يحافظ على الصلوات الخمس ويشتغل بتفسير البغوي وبالفقه ونحو ذلك. فإن كان قد تاب من الإلحاد فالله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، والله تعالى يقول (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا).
لكن ما ذكره هذا عنه، إن كان قبل التوبة لم يقبل قوله، وإن كان بعد التوبة لم يكن قد تاب من الرفض بل من الإلحاد وحده، وعلى التقديرين فلا يقبل قوله. والأظهر أنه إنما كان يجتمع به وبأمثاله لما كان منجما للمغل المشركين، والإلحاد معروف من حاله إذ ذاك.
فمن يقدح في مثل أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ويطعن على مثل مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وأتباعهم، ويعيرهم بغلطات بعضهم في مثل إباحة الشطرنج والغناء، كيف يليق به أن يحتج لمذهبه بقول مثل هؤلاء الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق، من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ويستحلون المحرمات المجمع على تحريمها كالفواحش والخمر في مثل شهر رمضان، الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، وخرقوا سياج الشرائع، واستخفوا بحرمات الدين، وسلكوا غير طريق المؤمنين. فهم كما قيل فيهم:
الدين يشكو بلية * من فرقة فلسفية لا يشهدون صلاة * إلا لأجل التقية ولا ترى الشرع إلا * سياسة مدنية ويؤثرون عليه * مناهجا فلسفية