أقول:
لقد أشرنا إلى أن المستدل به نزول الآيات في حقة أهل البيت عليهم السلام لإطعامهم المسكين واليتيم والأسير، وأما ذكر الخبر مع الأشعار وغيرها مما لا نلتزم بصحته، وجعل ذلك ذريعة للطعن في أصل الخبر، فهذا ليس من شأن العلماء المنصفين الأتقياء.
وكذلك نقل الخبر بسند من أسانيده والطعن في أصل الخبر بسبب ذلك السند، وكم لهذا من ابن الجوزي من نظير، ولا سبب له إلا العناد والتعصب.
ثم إنك إذا لاحظت كلمات القوم في الرجال الذين طعن فيهم ابن الجوزي في هذا السند، لم تجد دليلا للطعن إلا التشيع ورواية فضائل أهل البيت.
فأما (الأصبغ بن نباتة) فهو من التابعين، وأخرج عنه ابن ماجة، وروى عنه جماعة من الأكابر، ووثقه بعض الأعلام كالعجلي (1)... وتكلم فيه غير واحد وكل كلماتهم تعود إلى كونه من شيعة علي عليه السلام وروايته لفضائله، كقول ابن حبان: " فتن بحب علي بن أبي طالب عليه السلام، فأتى بالطامات في الروايات فاستحق من أجلها الترك " وقول ابن عدي: " لم أخرج له ها هنا شيئا، لأن عامة ما يرويه عن علي لا يتابعه أحد عليه " (2).
فهذا هو السبب في ترك بعض القوم حديثه.
ثم تأمل في كلام ابن عدي بعد ذلك: " وإذا حدث عن الأصبغ ثقة فهو عندي لا بأس بروايته، وإنما أتى الإنكار من جهة من روى عنه، لأن الراوي عنه لعله يكون ضعيفا " لتعرف الاضطراب منه ومن أمثاله عندما يريدون رد حديث