غير أن يعلم به أحد، ففعل ذلك، فلما وقع كانت له وقعة عظيمة هائلة، روعت كل من هناك وكاد بعضهم يصعق، وأما هو وهولاكو فإنهما ما حصل لهما شئ، لعلمهما بأن ذلك يقع، فقال له: هذا العلم النجومي له هذه الفائدة، يعلم المتحدث فيه ما يحدث فلا يحصل له من الروعة ما يحصل للذاهل الغافل عنه. فقال له: لا بأس بهذا. وأمره بالشروع فيه أو كما قيل.
ومن دهائه ما حكي أنه حصل لهولاكو غضب على علاء الدين الجويني صاحب الديوان فأمر بقتله، فجاء أخوه إلى النصير وذكر له ذلك، فقال النصير:
هذا القان إن أمر بأمر لا يمكن رده، خصوصا إذا برز إلى الخارج، فقال له: لا بد من الحيلة في ذلك، فتوجه إلى هولاكو (فذكر القصة وحاصلها أمر هولاكو بإطلاق جميع من في الاعتقال والعفو عمن له جناية) وانطلق علاء الدين صاحب الديوان في جملة الناس، ولم يذكره النصير الطوسي. وهذا غاية في الدهاء، بلغ به مقصده ودفع عن الناس أذاهم.
ومما وقف له عليه: إن ورقة حضرت إليه عن شخص من جملة ما فيها: يا كلب يا ابن الكلب. فكان الجواب: أما قوله يا كذا، فليس بصحيح، لأن الكلب من ذوات الأربع وهو نابح طويل الأظفار، وأما أنا فمنتصب القامة، بادي البشرة، عريض الأظفار، ناطق ضاحك. فهذه الفصول والخواص غير تلك الفصول والخواص. وأطال في نقض كل ما قاله. هكذا رد عليه بحسن طوية وتأن غير منزعج، ولم يقل في الجواب كلمة قبيحة.
ومن تصانيفه...
وقال شمس الدين ابن المؤيد العرضي: أخذ النصير العلم عن كمال الدين ابن يونس الموصلي، ومعين الدين سالم بن بدران المصري المعتزلي، وكان يعمل الوزارة لهولاكو من غير أن يدخل يده في الأموال... وولاه هولاكو جميع