وفي رواية أخرى: " إن الله يمتعهم ليبتليهم ويبتلي من يأتي بعدهم تفرقة بين الخبيث والطيب.. " (1).
وأما النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنه كان عالما بما يجري على أهل بيته (عليهم السلام) وأمته وكان قادرا على إهلاك أعداء أهل بيته (عليهم السلام) في حياته - كما يصنعه الملوك والخلفاء بمخالفيهم - إلا أن ذلك كان مضرا على الدين ويوجب أن يبسط من أراد هدم أساس الإسلام لسانه فيقول: إنه لما ظفر بالفتح أخذ يقتل أعوانه وأنصاره - كما أشار إليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض كلامه - (2).
ثم كيف يعاقبهم على أمر لم يصدر منهم بعد؟ ولا أقل من أنه لم يؤمر من قبل الله تعالى بقتلهم (3)..
وأما سكوت مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)، فليعلم أولا: إن لكل واحد من الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) دستور خاص من قبل الله تعالى، نزل به أمين الوحي على الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ليبلغه إليهم (4). وعند التأمل في الظروف التي تخصهم تجد التوافق والتطبيق بين هذه التكاليف الخاصة وبين المصالح الظاهرة عندنا.
ويستفاد من الآثار أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قعد عن محاربة أعدائه لجهات شتى نذكر أهمها:
الأولى: المخالفون لأبي بكر في أمر الخلافة - وإن لم يكونوا قليلين - إلا أنهم قعدوا عن نصرة أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم يوجد من أعانه إلا ثلاثة أو أربعة،