الصديق، فلم تدع أحدا من أهل بدر والسوابق إلا دعوتهم إلى نفسك، ومشيت إليهم بامرأتك، وأدليت إليهم بابنيك، واستنصرتهم على صاحب رسول الله، فلم يجبك منهم إلا أربعة أو خمسة.
ومهما نسيت فلا أنسى قولك لأبي سفيان، لما حركك وهيجك: " لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم.. " فما يوم المسلمين منك بواحد، ولا بغيك على الخلفاء بطريف ولا مستبدع (1)..!!
قال ابن أبي الحديد: ويقال: إنه (عليه السلام) لما استنجد بالمسلمين عقيب يوم السقيفة وما جرى فيه، وكان يحمل فاطمة (عليها السلام) ليلا على حمار وابناها بين يدي الحمار وهو (عليه السلام) يسوقه، فيطرق بيوت الأنصار وغيرهم ويسألهم النصرة والمعونة، أجابه أربعون رجلا فبايعهم على الموت، وأمرهم أن يصبحوا بكرة محلقي رؤوسهم ومعهم سلاحهم، فأصبح لم يوافه منهم إلا أربعة: الزبير والمقداد وأبو ذر وسلمان ثم أتاهم من الليل فناشدهم، فقالوا: نصبحك غدوة، فما جاءه منهم إلا أربعة، وكذلك في الليلة الثالثة (2).
وخلاصة القول: إن الناس بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إما كانوا ممن يحسدون أمير المؤمنين (عليه السلام) أو يبغضونه لأنه قتل آباءهم وإخوانهم وأقرباءهم وأصدقاءهم أو يخافون شدته وعدله، فهذه الطوائف، إما رجحوا نصرة الهيئة الحاكمة فكانوا من أعوانهم، وإما تركوا نصرة أمير المؤمنين (عليه السلام) فهم وإن لم يروا أبا بكر أهلا للخلافة ولكن قالوا إنه ألين من علي (عليه السلام)، ومنهم فرقة أخرى وهم الأكثرون أعراب وجفاة وطغام، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، فهؤلاء مقلدون لا