ولذا قال في خطبة له: " أما والله لو كان لي عدة أصحاب طالوت أو عدة أهل بدر... لضربتكم بالسيف حتى تؤولوا إلى الحق.. " (1).
وفي خطبة الشقشقية: " وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء.. " (2).
ثم إنه (عليه السلام) - بعد الفراغ من دفن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجمع القرآن - خطب الناس ودعاهم إلى نصرته، بل ذهب مع فاطمة والحسنين (عليهم السلام) إلى دور المهاجرين والأنصار واستنصرهم لإزالة أبي بكر عن الخلافة المغتصبة، وذكرهم ما أوصاهم به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقه، فلم يدع لأحد عذرا في ترك نصرته. كما أن فاطمة الزهراء (عليها السلام) حينما خطبت الناس في المسجد دعتهم إلى محاربة الهيئة الحاكمة بأبلغ الوجوه وقالت صريحا: " قاتلوا أئمة الكفر "، إلا أن ذلك كله لم يؤثر في قلوب خلت عن ذكر الله، وضعفت في إيمانها، ثم بعد إتمام الحجة عليهم كان اللازم عليهم أن يجتمعوا لنصرة أمير المؤمنين (عليه السلام) لا أن يأتي هو عندهم ويدعوهم، فإن مثل الإمام مثل الكعبة يؤتى ولا يأتي.
الثانية: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمره بالسكوت ونهاه عن القيام إذا لم يجد أعوانا، لئلا ينهدم الدين برأسه ويخرب البنيان من رأسه.. ولا يبقى منه شئ.
فالإمام (عليه السلام) - وإن كان هو الشجاع البطل الذي لا يجترء أحد أن يدنو منه في الحرب، وكان في أقصى درجات الحمية والغيرة و... إلا أنه تحمل كل هذه المشاق لكونه مأمورا بذلك من قبل الله تعالى ومن قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
نعم، الصبر على هذا النوع من البلاء في غاية الصعوبة - لا سيما بالنسبة