والصحيح من الأقوال: إنه الطريق الموصل إلى العلم القطعي، والسبيل إلى معرفة حجية القرآن ودلائل الأخبار (1).
فالعقول وإن كان لها قابلية الادراك، إلا أن إدراكها يتناول الكليات ولا يتعدى إلى الجزيئات والفروع التي تحتاج إلى نص خاص بها، وهذا لا يمنع من أن يدرك العقل السليم خصائص كثيرة في تفسير النصوص بشرط أن لا يكون خاضعا لتأثيرات أخرى تصده عن الوصول إلى الواقع، كما لو ناقش في الأوليات والبديهيات ولم يفرق بين قبح الظلم وحسن العدل مثلا.
كما لا يمنع أيضا من أن يستقل ببعض الأحكام، إذ لو عزل العقل عن الحكم لهدم أساس الشريعة، غير أنه لا يتعرض للتفاصيل والأشياء الخارجية ولا يتخذ منها موضوعات لأحكامه، وإنما يحكم بأمور كلية عامة كما مر.
فهو مثلا لا يحكم بوجوب الصوم والصلاة، وإنما يحكم بإطاعة الشارع المقدس وامتثال أوامره التي منها الأمر بالصوم والصلاة.
وهو لا يتعرض للبيع والإجارة والزواج والطلاق، بل يقر كل ما يصلح الجميع ويحفظ النظام العام.
وهو لا يحلل هذا أو يحرم ذاك، وإنما يحكم بقبح العقاب بلا بيان، وبوجوب دفع الضرر عن النفس، وبحرمة إدخاله على الغير.
فالعقل له القدرة في أن يحكم بهذه الكليات العامة وما إليها حكما