كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي (1)، وقوله عليه السلام: كل شئ مطلق حتى يرد فيه نص (2)، وهذا يعني دخوله في باب البراءة.
أما الضرر الدنيوي المظنون والمحتمل، فإن العقل يحكم بوجوب دفعه ولا فرق بينه وبين الضرر المعلوم من هذه الجهة، لأن الإقدام على ما لا يؤمن معه الضرر قبيح عقلا. فأي منا مثلا إذا تردد عنده سائل موجود في إناء بين كونه سما أو ماء ولا يحكم عقله بوجوب اجتناب ذلك السائل؟
والخلاصة: إن الضرر الدنيوي يحكم العقل بوجوب الابتعاد عنه معلوما كان أو مظنونا أو محتملا (3).
وواضح أن الاستدلال بالعقل على مشروعية التقية، إنما هو من جهة حرص العاقل على حفظ نفسه من التلف، بل ومن كل ما يهدد كيانه بالخطر، أو يعرض شرفه إلى الانتهاك، أو أمواله إلى الضياع.
والتقية ما هي إلا وسيلة وقائية لحفظ هذه الأمور وصيانتها عندما يستوجب الأمر ذلك، على أن لا يؤدي استخدامها إلى فساد في الدين أو المجتمع كما لو أبيحت في الدماء مثلا.