عليا عليه السلام، فكان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه) (١).
وفي كشف الغمة، أورد سبب نزول الآية (يا أيها الرسول بلغ..)، عن زيد بن علي، أنه قال: (لما جاء جبريل عليه السلام بأمر الولاية ضاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بذلك ذرعا، وقال: قومي حديثوا عهد بالجاهلية، فنزلت) (٢).
وسوف يأتي قريبا ما يؤيد قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن القوم حديثو عهد بالجاهلية كما في صحاح القوم وسننهم ومسانيدهم.
ومن كل ما تقدم يعلم أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم - بعد تريثه لتدبير أمر تبليغ الولاية العامة - بتبليغ عاجل، مبينا له أهمية هذا التبليغ، ووعده العصمة من الناس ولا يهديهم في كيدهم، ولا يدعهم يقلبوا له أمر الدعوة بالتكذيب بعد أن يعي الولاية من يعيها ويعقلها من المؤمنين، ولن يضر الحقيقة الالتفاف حولها بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم كما حصل في السقيفة المشؤومة ﴿ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة﴾ (3).
وهكذا تم التبليغ بخطبة وداع بعيدة عن أجواء التقية التي استخدمها من حضر الغدير لكتمان ما سمعه يوم ذاك بأذنيه وشاهده بعينيه وأدركه بلبه ووعاه بأذنه كما سيوافيك.
فالتقية هنا وإن اتصلت بالتبليغ إلا أنها لأجله، ولم تكن لأجل الخوف على النفس الذي هو من أشد ما يخاف عليه الإنسان عند الإكراه، ومن يزعم بخلاف هذا فإن القرآن الكريم يكذبه، إذ امتدح رسل الله وأنبياءه