وفي تفسير المحرر الوجيز: قال الجوهري: (وقد أثنى الله على رجل مؤمن من آل فرعون كتم إيمانه وأسره، فجعله الله تعالى في كتابه، وأثبت ذكره في المصاحف لكلام قاله في مجلس من مجالس الكفر) (1).
وفي تفسير القرطبي في تفسيره الآية المذكورة قال: (إن المكلف إذا نوى الكفر بقلبه كان كافرا وإن لم يتلفظ بلسانه، وأما إذا نوى الإيمان بقلبه فلا يكون مؤمنا بحال حتى يتلفظ بلسانه، ولا تمنعه التقية والخوف من أن يتلفظ بلسانه فيما بينه وبين الله تعالى، إنما تمنعه التقية من أن يسمعه غيره، وليس من شرط الإيمان أن يسمعه الغير في صحته من التكليف، وإنما يشترط سماع الغير له، ليكف عن نفسه وماله) (2).
وبالجملة، فإن جميع المفسرين الذين وقفت على تفسيرهم اعترفوا بتقية مؤمن آل فرعون، ولولا خشية الإطالة لأوردنا المزيد من أقوالهم، ويكفي أن الخوارج الذين زعم بعضهم بأنهم ينكرون التقية قد صرح أباضيتهم بالتقية في تفسيرهم لهذه الآية:
قال المفسر الأباضي محمد بن يوسف أطفيش عن الرجل المؤمن: (فمعنى كونه من آل فرعون أنه فيهم بالتقية مظهرا أنه على دينهم، وظاهر قوله (يا قوم) أنه منهم - إلى أن قال - واستعمل الرجل تقية على نفسه، ما ذكر الله عز وجل عنه بقوله: (وإن يك كاذبا فعليه كذبه) (3).