للحق، ونعني بها صلة الألفاظ بأفعال القلوب التي لا سبيل للمكره إلى علمها في قلب المكره، وعليه فلا يصح التجاء المكره إلى شئ منها قط، كما لو أكره على كلمة الكفر، أو على الإعتقاد بعقيدة فاسدة، أو إنكار كل ما ثبت أنه من الدين إنكارا قلبيا لا لفظيا.
فمثل هذه الأمور ونظائرها يجب الاحتراز فيها جدا، بحيث لا يتعدى النطق باللفظ إليها، لأنها مما لا يصح فيه الإكراه، فغاية الأمر: إن المكره يريد التخلص من الشر بإتيان اللفظ المخالف للحق، لا أن يؤمن بما يتلفظ به حقيقة.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى صراحة في قوله تعالى: ﴿لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير﴾ (١).
ومما يلحظ هنا هو أن التحذير الشديد الوارد في الآية المباركة قد جاء مباشرة بعد تشريع التقية في الآية نفسها، ثم أكده تعالى بقوله الكريم: ﴿قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شئ قدير﴾ (2).
وكل هذا التحذير قد جاء في سياق واحد بعد تشريع التقية، لئلا يتحول إنكار المؤمن للحق بفعل الإكراه إلى إنكار قلبي كما يريده من أكرهه، لأن الواجب أن يبقى القلب مطمئنا بالإيمان.
وفي هذا الصدد قال الفخر الرازي في تفسيره: (إنه تعالى لما نهى