ذكرها ثم دعا بزياد بن حر الجعفي فسلم إليه رأس الحسين ورؤوس أخوته وبنيه وأهل بيته وأصحابه ودعا بعلي بن الحسين فحمله وحمل عماته وأخواته إلى يزيد على بعير وطئ والناس يخرجون إلى لقائهم في كل بلد ومنزل حتى قدموا دمشق فأقيموا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي ثم وضع الرأس المكرم بين يدي يزيد فأمر أن يجعل في طشت من ذهب وجعل ينظر إليه ويقول:
صبرنا وكان الصبر منا عزيمة * وأسيافنا يقطعن كفا ومعصما ففلق هاما من رجال أعزة * علينا وهم كانوا أعق وأظلما ثم تكلم بلام قبيح وأمر بالرأس أن تصلب بالشام ولما رأى خالد بن عبد الله ذلك قال:
جاءوا برأسك يا ابن بنت محمد * متزملا بدمائه تزميلا وكأنما بك يا ابن بنت محمد * قتلوا جهارا عامدين رسولا قتلوك عطشانا ولم يترقبوا * في قتلك التنزيل والتأويلا ويكبرون بأن قتلت وإنما * قتلوا بك التكبير والتهليلا وكان خالد هذا من أجل عباد التابعين وقد اختفى شهرا وهم يطلبونه ليقتلوه فلم يظفروا به واختلف الناس في موضع الرأس المكرم وأين حمل من البلاد فروى الحافظ أبو العلاء الهمداني أن يزيد حين قدم عليه رأس الحسين بعث به إلى المدينة مع أقوام من موالي بني هاشم وضم إليهم جماعة من موالي أبي سفيان وبعث بنقل الحسين ومن بقي من أهله معهم ولم يدع لهم حاجة بالمدينة إلا وقد أمر لهم بها وقد كان الذي تلقى رأس الحسين بالمدينة حين قدموا بها عمر بن سعيد بن العاص وهو إذ ذلك عامل على المدينة ليزيد فقال عمر وددت أنه لم يبعث به إلي ثم أمر عمر بن سعيد برأس الحسين فكفن ودفن بالبقيع عند قبر أمه فاطمة الزهراء رضي الله عنهما.
قال الإمام القرطبي وهذا أصح ما قيل فيه وبه قال الزبير بن بكار الذي هو أعلم بالأنساب.