مواقف اليأس والاختيار بين الدنيا ومادتها وزهرتها وما عند الرفيق الأعلى فكانوا حقا المصطفين الأخيار الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون.
وقد وجهنا صلى الله عليه وسلم - فأحسن توجيهنا - إلى التزام حسن الأدب تجاه آل البيت مع تمام الحب والاعزاز لهم، فجمع عليا والزهراء وحسنا وحسينا معه وجبريل وأظلهم بعباءته فكانوا أهل بيته الذين أفردهم بمقام الخصوصية منه صلى الله عليه وآله وسلم قال فيهم (إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها). و (يا فاطمة إن الله عز وجل يغضب لغضبك ويرضى لرضاك) ما شاء الله..
وقال لعلي: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) فجعله ميزان قسط يفرق به بين الإيمان والنفاق وقال في الحسنين: (اللهم إني أحبهما فأحب من يحبهما) فلا إيمان لمن لا محبة له في آل البيت.
وقد أعلا الحق سبحانه وتعالى ذكرهم ونزههم عن كل نقيصة وأنزل فيهم ذكرا يتعبد به وقرآنا يتلى فقال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وإذا أراد الله تعالى فلا راد لإرادته، وإذا أراد سبحانه أن يختبر عبدا ليحبه ابتلاه واختاره إلى جواره فكان أهل البيت - بفضل الله - مصونين عن رجس الدنيا وقذرها بالجهاد الدائم والعبادة الحقة والتجرد للحق تعالى. ولن يضاف إليهم - وهم عين الطهر - إلا كل طاهر مطهر يشبههم، فهم على بصيرة ويقين واختيار وتطوع العابدين الزاهدين الراكعين الساجدين والعلماء المجاهدين والشهداء الأحياء عند ربهم يرزقون وما زالوا - على مدى الزمان - قبلة العرفاء السائحين في ملكوت الله جل وعلا وأئمة الأولياء الصالحين مقبلين في كل الأحوال على الله، مؤيدين بفضل الله وإرادته ورحمته وبركاته ووراثتهم للنور المحمدي.
ومن ثم، فلا عجب أن يحدث النبي المبعوث رحمة للعالمين أمته على حب آل بيته حتى تفوز - بمحبتهم - بمحبته، تسعد - بموالاة أخص قرابته - بشفاعته، فهم معدن الرحمة الجامعة ومهبط البركات الشاملة، وفيهم سر صلة الأرحام على مدى