عظم ذلك وكبره زمن معاوية بعد موت الحسن. فقتلت شيعتنا بكل بلدة. وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة. ومن يذكر بحبنا الانقطاع إلينا سجن أو نهب ماله أو هدمت داره. ثم لم يزل البلا يزداد إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين. ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتلة وأخذهم بكل ظنة وتهمة. حتى أن الرجل يقال له زنديق أحب إليه من أن يقال شيعة علي). وفي عصر الباقر كان الحسن البصري الجسور (قاضي عمر بن عبد العزيز وشيخه الذي لا يهاب الخلفاء) إذا روى عن أمير المؤمنين علي قال (قال أبو زينب) ليخفي الاسم الذي لا خفاء له!
بل كان الشعبي شيخ المحدثين بالعراق يقول (ماذا لقينا من آل علي إذا أحببناهم قتلنا وإذا أبغضناهم دخلنا النار).
وكان طبيعيا في دولة (هرقلية) أن يكون همها الملك لا الدين، تعاقب من تتوهم خطره عليها وتترك من تزندق، أن تزداد الاستهانة بالدين في مقابل السلام الذي تنشده الدولة، والبلهنية التي يؤثرها دعاة الدعة. بدأ ذلك من عهد معاوية وسيستمر استمرار فساد الدولة أ وستستبقيه لتصرف الناس عن الاهتمام بأهل بيت النبي، أو توقع بهم لفرطات تفرط من أحدهم، أو تعزى كذبا إليهم، منتهزة للفرص حينا، أو مفتعلة لها في أغلب الأحيان.
كانت الأوامر تصدر من بغداد إلى أرجاء الإمبراطورية التي تدين لبني العباس، ومنها مصر، أن (لا يقبل علوي ضيعة، ولا يسافر من الفسطاط إلى طرف من أطرافها.
وأن يمنعوا من اتخاذ العبيد إلا العبد الواحد (والرقيق يومذاك قوة العمل) وإن كانت بين العلوي وبين أحد خصومة فلا يقبل قول العلوي. ويقبل قول خصمه بدون بينة)!
وكانوا يسفرون من الأطراف إلى العاصمة ليكونوا تحت الرقابة. بل أمر الرشيد أن يضمن العلويون بعضهم بعضا. وكانوا يعرضون على السلطان كل يوم، فمن غاب عوقب.. وكأن (أهل بيت النبي) جالية من العدو أو شرذمة من المشبوهين.
ولقد كان يكفي للحيطة أقل القليل من حاكم يريد أن يطمئن. وإنما كان ذلك