وأنت يا رسول الله أبر الناس وأوصلهم، وليس عند أبوينا ما يصدقان عنا، فاستعملنا يا رسول الله على الصدقات فنؤدي إليك ما يؤدي العمال، ولنصيب ما كان فيها من مرفق. قال: فأتى علي بن أبي طالب، ونحن على تلك الحال فقال لنا: والله لا يستعمل منكما أحدا على الصدقة. فقال له ربيعة بن الحارث: هذا من حسدك وبغيك، وقد نلت صهر رسول الله فلم نحسدك عليه. قال: فألقي علي رداءه، ثم جلس عليه، فقال:
أنا أبو حسن القوم، والله لا أريم مقامي هذا حتى يرجع إليكما ابناكما بجواب ما بعثتما به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عبد المطلب: فانطلقت أنا والفضل، حتى نوافق صلاة الظهر قد قامت، فصلينا مع الناس، ثم أسرعت أنا والفضل إلى باب حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو يومئذ عند زينب بنت جحش - فقمنا بالباب، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بأذني وأذن الفضل، وقال:
أخرجا ما تصرران، ثم دخل، وأذن لي وللفضل فدخلنا، فتواكلنا الكلام قليلا، ثم كلمته - أو كلمه الفضل، شك في ذلك عبد الله - قال: فكلمناه بالذي أمرنا به أبوانا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ورفع بصره قبل سقف البيت، حتى طال علينا وظننا أنه لا يرجع إلينا شيئا، وحتى رأينا زينب تلمع من وراء الحجاب بيدها، تريد أن لا نعجل، إذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرنا، قال: ثم خفض رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه، فقال لنا: إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد، ادعوا لي نوفل بن الحرث، فدعي له نوفل فقال: يا نوفل، أنكح عبد المطلب. قال: فأنكحني. قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوا لي محمية بن جز. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحمية: أنكح الفضل. قال: فأنكحه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
قم فأصدق عنهما من الخمس كذا وكذا. قال: لم يسمعه لي عبد الله بن الحرث).
ومنهم الحافظ إمام الحنابلة أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل المتوفى 241 ه في (مسند أهل البيت) (ص 33 برواية ولده عبد الله. ط مؤسسة الكتب الثقافية بيروت) قال: