(مرة) إلى إنكار الصغرى: من كون القبول حقا، إذ ليس كل ما يجوز فعله كان حقا (وأخرى) إلى منع الكبرى: من كونه من الحقوق التي تنتقل بالإرث، إذ رب حق متقوم بمستحقه لا يتعدى إلى غيره، ولعل حق القبول من ذلك، بل الظاهر إنه كذلك، حيث أن الايجاب تمليك للموصى له، والقبول تملك الوارث، فلا يتطابقان. وبعبارة أخرى: تملك الوارث إن كان بتمليك الموصى له فالمفروض عدم تملكه فكيف يملك، وإن كان بتمليك الموصي فلم يحصل منه إيجاب يوجب تمليكه (1) وفيه: أما ثبوت الصغرى، فلأنه يكفي في ثبوت الحق حصول سبب الملك للمورث بحيث لا يتوقف الملك إلا على شرط يحصل من قبله، وهو الرضا به، وما يكون كذلك مما يترتب عليه المال بعد عند العقلاء كنفس الأموال في كونه حقا يصدق عليه أنه تركه، وبه يحصل الفرق بينه وبين القبول في سائر العقود، فإنه جزء السبب فيها، وهنا شرط التأثير من الايجاب على تقدير الموت - على ما تقتضيه عمومات الوصية التي هي لغة وعرفا مجرد الايجاب - فالقبول هنا كالقبض ونحوه من الشرائط المتوقفة عليها صحة العقد، وتسميته مع ذلك عقدا لمجرد افتقاره إلى القبول في مقابل الايجاب الذي لا يفتقر إليه. وهذا القدر من الافتقار كاف في التسمية، وإن اختلفا في كون القبول هنا شرطا في التأثير، وفي سائر العقود جزء السبب، وبه اتضح الفرق بين القبولين، وارتفع النقض بعدم إرثه في سائر العقود.
(٣٢)