قوله عليه السلام (ضع أمر أخيك على أحسنه) () هو المعنى الثاني، أعني إثبات الصحة الظاهرية الغير الملازمة لإثبات موضوع الصلاة التي هي مورد النذر، لكون الملازمة من آثار الصحة الواقعية لا الظاهرية، فعاد الإشكال في إبراء الناذر بإعطاء المنذور لفاعل تلك الصلاة المشتبهة على القول بالصحيح.
نعم يندفع هذا الإشكال على القول بالأعم خاصة حيث أنه يحرز الموضوع بالإطلاق، والصحة بالأصل، وأما القائل بالصحيح فليس له إطلاق يحرز به الموضوع حتى يجديه الأصل، بل الألفاظ عنده مجملة.
واما وجه أبعدية الثاني: فلما سيأتي في محله من أن أقصى مفاد أدلة الاجتهاد إنما هو إمضاء الحكم المجتهد فيه بالنسبة إلى ذلك المجتهد ومن يقلده، فلا يتجاوز إلى الغير ولو قلنا بموضوعية ما في يد المجتهد من الطرق الظاهرية، فإن موضوعية ما في يده أيضا لا تتجاوز إلى غيره.
والتفرقة المذكورة بين خطأ اجتهاد أهل الحق وخطأ اجتهاد أهل الخلاف لا يرجع إلى محصل بعد فرض مساواتهما في القصور وعدم التقصير، فمعذورية المخطئ في اجتهاده من غير تقصير إنما ثبتت في حق نفسه ومن يقلده، ولا دليل على تجاوزها إلى الغير لا عقلا ولا شرعا، إن لم يكن الدليل على خلافه، ولا فرق في كون الخطأ من اجتهاد أهل الحق أو أهل الخلاف.
غاية الفرق أن يقال بترتب الأجر على اجتهاد أهل الحق مضافا إلى معذوريتهم في الخطأ دون ترتبه على اجتهاد أهل الخلاف بناء على اختصاص حديث (ان لله في كل واقعة حكما فمن أصابه فله أجران ومن لم يصبه فله أجر) بأهل الحق.
وحينئذ فالصواب في الجواب الحلي: أما في مسألة النذر، فبمنع ملازمة القول بالصحيح لوجوب التفتيش، بتقريب ان تعسر اطلاع أغلب الناس على مصداق الصلاة الصحيحة ولو عند الفاعل، وجريان طريقتهم، بل وطريقة الشارع على المسامحات، وعدم التدقيقات الموجبة للعسر والحرج، قرينة على أن مقصودهم