ولكنه مدفوع بإمكان تحقق نية القربة من العالم بالفساد أيضا، كما لا يخفى.
وثالثا: سلمنا استعمال مورد النذر واليمين في الأعم من الصحيح والفاسد، ولكن الاستعمال أعم من الحقيقة، بل الدعوى المذكورة من بطلان اللازم واستحالة استعمال موردهما في الصحيح - على فرض تسليمها - قرينة تعيين المجازية فيه، على أن استعمال مورد النذر واليمين في الأعم يستلزم تعلقهما بقسميه من الصحيح والفاسد، فيعود الإشكال المذكور بالنسبة إلى تعلقهما بالصحيح إلا أن يقيد بالفاسد حذرا من التناقض.
ومنها: أنها لو كانت أسامي للصحيح للزم التفتيش عن صحة صلاة المصلي في إبراء الذمة بإعطائه شيئا من حقوق المصلين بالنذر وشبهه، وفي جواز الاقتداء به، ولو كان المصلي في أعلى مراتب العدالة.
أما الملازمة فلأن عدالة المصلي إنما تعصم من تعمده الإتيان بالفاسد.
وأما إتيانه بما يحكم المقتدي والناذر بصحته فلا.
وأما بطلان اللازم فلأنا لم نقف إلى الآن على من التزم بهذه التصفحات والتفتيشات وقال بتوقف البراءة عليها.
والجواب عنه أما إجمالا: فبأن اللازم المذكور مشترك الورود بين الصحيحي والأعمي، أما وروده على الصحيحي فلوضع مورد النذر واليمين لخصوص الصحيح، وأما على الأعمي فلانصراف مورد النذر إليه بقرينة عدم انعقاد النذر إلا بالراجح، ولا رجحان في غير الصحيح، وثبوت الإطلاق للأعمي لا يشخص موضوع صحة مورد النذر حتى يختص الصحيحي بالتفتيش في تشخيصه، بل الإطلاق الثابت للأعمي مستلزم لإبراء النذر بإعطاء المنذور لكل من صلى، ولو تبين فساد صلاته قبل الإعطاء، وهو من أقبح المفاسد اللازمة عليه.
والقول بأن القدر المعلوم خروجه عن مورد النذر - بقرينة عدم انعقاد النذر بغير الراجح - هو معلوم الفساد، فيبقى غيره تحت الإطلاق، مدفوع بأن الباعث على خروج ذلك إنما هو فساده من غير مدخلية لنفس العلم فيه، وإنما العلم به طريق