حتى قيل فيه بالنقل، مضافا إلى كونه تخصيصا بالأكثر، وعلى فرض جوازه بعيد، ولا أقل من مساواته لذلك الاحتمال الكافي في هدم الاستدلال.
فقد أجيب عن الأول: بأن دعوى نقلها عرفا في نفي وجود الصفة مع انتفاء القرائن الخاصة مما لا شاهد عليه، والأصل عدمه، بل ملاحظة فهم العرف المجرد عن القرائن - في مثل قولك: لا وصول إلى الدرجة العالية إلا بالتقوى، ولا روح للعمل إلا بالإقبال، ولا قبول للطاعة إلا بالولاية، إلى غير ذلك من الأمثلة المتكثرة - شاهد على خلافه، ومجرد استعمالها في عدة مقامات قضت القرائن الداخلية، أو الخارجية بإرادة نفي الصفة، نظرا إلى القطع ببقاء الذات لا يقضي بعدم انصرافها إلى ما وضعت له مع انتفاء القرينة، كيف وليس بأشيع من تخصيص العام واستعمال الأمر في الندب ولم يقل أحد فيهما بالنقل.
وعن الثاني: بأن دعوى شهرتها عرفا في نفي الصفة على تقدير تسليمها في هذا الزمان غير قادح بالاستدلال، وفي زمان صدور تلك التراكيب عن الشارع مستلزم لبلوغها مرتبة النقل في هذا الزمان، لقرب مرتبة الشهرة من مرتبة النقل جدا وقد عرفت خلافه.
وعن الثالث: أولا بمنع انحصار وظيفة الشارع في بيان الأحكام، بل بيان الموضوعات المستنبطة أيضا لا تخرج عن وظيفته، وإنما الخارج عنها هو بيان الموضوعات الصرفة.
وثانيا: سلمنا خروج بيان الموضوعات المستنبطة في الجملة، لكن لا نسلم خروج الموضوعات المخترعة التي لم يعرفها العرف واللغة، بل بيان تلك الموضوعات كبيان نفس الأحكام ليس إلا من شأنه ووظيفته.
والفرق بين ما نحن فيه وبين المثالين المذكورين من حيث اللفظ هو الفرق بين النكرة في سياق النفي والإثبات، ومن حيث الخارج بمانعية القطع من حمل المثالين على بيان الموضوع، دون مانعيته من حمل ما نحن فيه عليه.
وعن الرابع: بمنع توقف نفي الماهية في تلك الروايات على القول بالصحيح، بل موقوف على الأخذ بظهور اللفظ، والبناء على أصالة الحقيقة.