والضاحك والمشتق، وإن كان في اللفظ مفردا، إلا أن معناه شيء له المشتق منه، فيكون من حيث المعنى مركبا ().
فأورد السيد على هذا الجواب، بأن مفهوم الشيء لا يعتبر في مفهوم الناطق مثلا، وإلا لكان العرض العام داخلا في الفصل، ولو اعتبر في المشتق ما صدق عليه الشيء انقلب مادة الإمكان الخاص ضرورية، فإن الشيء الذي له الضحك هو الإنسان، وثبوت الشيء لنفسه ضروري، انتهى ().
وحاصل الوجه المستفاد - من كلام السيد - أنه لو اعتبر الشيء أو الذات في مفهوم المشتق، فهو إما مفهوم أحدهما أو مصداقه الخارجي، وكلاهما باطل.
أما الأول: فلأن من المشتقات الناطق، ولازمه أخذ مفهوم أحد الأمرين في مفهوم الناطق، ولا ريب أن مفهوم الشيء، أو الذات من الاعراض العامة، فيلزم دخول العرض العام في الفصل، وهو الناطق، للاتفاق على كونه فصلا للإنسان، واللازم باطل بالاتفاق، وبديهة العقل، إذ فصل كل شيء هو المقوم لذلك الشيء، ويستحيل كون الأمر العرضي مقوما لمحله.
وما يقال: من أن المراد بالناطق - الذي يعد ذاتيا - هو النطق، ليس بشيء، فإن الذاتي يحمل على ما تحته من غير تأويل، ولا يصح حمل النطق كذلك.
وربما قيل: بأن المصطلح عند أهل الميزان في نحو الناطق ما تجرد عن الذات، وهذا هو الذي حكموا بكونه ذاتيا لما تحته.
وفيه ما لا يخفى، ضرورة بقاء الناطق على المعنى الأصلي في ألسنتهم، وعدم ثبوت اصطلاح جديد منهم فيه بوجه، وإنما يقولون بكونه فصلا بمعناه اللغوي.
وأما الثاني: فلأنه مستلزم لانقلاب كل قضية ممكنة بالإمكان الخاص إلى الضرورة، كما في قولك: (زيد ضارب أو كاتب أو ضاحك)، فان الشيء أو الذات الذي له الضحك - على هذا - عين زيد ونفسه، وثبوت الشيء لنفسه ضروري، واللازم باطل بالاتفاق على أن ثبوت تلك المحمولات لتلك الموضوعات