هذا، مع أنه على تسليمه يرد على من اعتبر خصوصية ذات من الذوات الخارجية، والمدعي للاعتبار لا يدعيها، بل الذي يدعيه إنما هو اعتبار ذات مبهمة مترددة بين الذوات الخارجية، نظير النكرة، لا مفهوم الذات، ليرد الشق الأول من الدليل، ولا خصوصية من خصوصية الذوات، ليرد الشق الأخير، إذ لا ريب أن الذات المبهمة على هذا القول في (ضارب) في قولك: زيد ضارب، ليست ضرورية الثبوت لزيد - بمعنى أن يكون اتحادها معه ضروريا - بل يمكن الاتحاد وعدمه بالإمكان الخاص، فكيف بوصف هذه الذات المبهمة، فافهم.
وكيف كان، فالتبادر يغنينا عن تكلف بعض الوجوه.
مضافا إلى كفاية غيره من الوجوه المتقدمة، غير ذينك الوجهين، فحينئذ لا ينبغي الارتياب في خروج الذات عن مفهوم المشتقات.
لا يقال: فعلى هذا ما الفرق بين المصادر والمشتقات؟ إذ المتصور في المقام إنما هو الحدث والذات، فإذا خرجت الثانية عن مفهومها، فلا يبقى فرق بينها وبين المصادر، فما الفارق حينئذ في صحة إطلاقها على الذوات الخارجية، وحملها عليها دون المصادر؟ فان كان مناط صحة الإطلاق والحمل فيها هو عدم انفكاكها عن الذات، فهو موجود في المصادر أيضا، وإن كان غيره فبينه.
لأنا نقول: الفارق أن مفاهيمها - كما عرفت - هي الأوصاف الجارية على الذوات القائمة بها قيام الحال بالمحل، بخلاف المصادر فإنها موضوعة لنفس الحدث المتغاير في الوجود مع الذات، وان كان له قيام بالذات، إلا أنه لم يلاحظ في وضعها.
مضافا إلى أن هذا القيام يغاير قيام الحال بالمحل، الذي هو المعتبر في المشتق، فإنه من قيام الأثر بذي الأثر (1).
ومن هنا لا يصح حمل المصادر على الذات، إلا بطريق المبالغة، فيكون حمل هو هو، ويصح حمل المشتقات عليها بالحمل المتعارفي دائما.