الحرمة إلى الأم التي هي من الذوات، فلا مجاز في الكلمة، أصلا، وأما تفهيم المقصود الواقعي، وهو حرمة وطء الأمهات، فالتعويل فيه على القرينة العقلية الدالة على امتناع إرادة حرمة الذوات نفسها، بضميمة ظهور الوطء من بين الأفعال المتعلقة بها، وتكون الأولى صارفة، والثانية معينة، فأريد من كل واحد من الطرفين معناه الأصلي، وأريد الدلالة على المقصود بالقرينة.
فعلى هذا يقال فيما نحن فيه أيضا: إن الهيئة لإفادة التلبس بمعروضها، وأريد بها هذا المعنى، والمبدأ للذات، وأريد به هذه، لكن التعويل في تفهيم المقصود - وهو التلبس بالفعل المتعلق بالذات - على العقل، حيث إنه لا يصح الاتصاف بنفس الذات، بمعنى أنه مستحيل عقلا، فيكشف ذلك عن التجوز في النسبة الضمنية بين الهيئة - والمادة، وأن المراد غير إرادة التلبس بنفس [المادة] () فيكون هذا بضميمة ظهور البيع، لكونه متعلقا لمفاد الهيئة بالنسبة إلى سائر الأفعال دالا على المراد، فلا مجاز لغة في شيء من المادة والهيئة أصلا، بل هو عقلي فحسب، كما في الآية، إلا أن الفرق بينهما أن التجوز ثمة وقع في النسبة التامة بين الموضوع والمحمول، وهنا وقع في النسبة الناقصة الضمنية الحاصلة بين الهيئة والمادة.
هذا كله إذا أريد بالمشتق التلبس الحالي.
وأما إذا أريد به التلبس بالمبدأ باعتبار الملكة أو الحرفة، فلا يلزم أيضا في الهيئة تصرف أصلا، وإن كان، فهو في المادة، فإنه إن أريد بها الملكة فالهيئة لإفادة التلبس بها، أو الحرفة فكذلك، فلم يخرج عما يقتضيه وضعها الأصلي.
ثم إن المبدأ إذا أريد به الحال، فقد عرفت أنه لا مجازية فيه حينئذ مطلقا، من حيث اللغة، وإنما كان يلزم التجوز العقلي في بعض الموارد، وهو ما إذا كان من أسماء الذوات.
وأما إذا كان للملكة أو الحرفة، فلا إشكال في مجازيته لغة بالنظر إلى معناه الأصلي.