للظاهر، بل نسلم كونه مخالفا له من الوجوه الأخرى فإن فرض ذات واحدة اثنتين، أو ادعاء فردية ما ليس بفرد، مخالف للظاهر يقينا، وإن لم يكن مخالفا لظاهر المشتق، إلا أن القرينة قائمة في الموارد المذكورة، في بعضها غالبا، كما في موارد النداء، وفي بعضها دائما، كما في الأخيرتين على ارتكاب نوع من وجوه خلاف الظاهر، موجب لحقيقة إطلاق المشتق بعده، فافهم.
الثاني:
بعد ما ثبت كون المشتق حقيقة في المتلبس بالمبدأ حال تلبسه به بالتقريب الذي تقدم، فلا بد من حمله عليه في كل مورد لم يقم قرينة لفظية أو عقلية على خلافه، كما في الحكم بوجوب قتل القاتل، أو إقامة الحد على السارق والزاني، ونحوهما مما لا يمكن ترتب الحكم عليه حال قيام المبدأ بالذات، من جهة عدم استقرار المبدأ بها بقدر فعل القتل أو الحد قطعا، فإن القاتل قبل تحقق القتل منه ولو كان مشتغلا بالجزء الأخير من مقدماته لا يكون قاتلا قطعا، وبعد تحقق هذا الجزء الأخير، فلا ريب في تحققه معه، ولا ريب في انقضائه حينئذ بمجرد تحققه، فلا يبقى لموضوع الحد أو القتل، لو علقا على قيام المبدأ بالقاتل والسارق وجود، فلا يمكن امتثال هذا الحكم، فحينئذ فالعقل حاكم بكون المراد خلاف الظاهر يقينا، وإلا لغا الحكم، فلذا يتمسكون بآيتي الزنا، والسرقة على وجوب الحد على من انقضى عنه الزنا والسرقة.
وكيف كان، فهذا مما لا إشكال فيه وإنما الكلام في كيفية الاستعمال، وأنه هل وقع التصرف في المادة في هذه الموارد، أو الهيئة، وهذا وإن لم يكن فيه فائدة مهمة، إلا أنه لا بأس به والتعرض له في الجملة:
فنقول: قد قيل أو يقال: إن التصرف فيها في المادة، لا الهيئة، بمعنى أنها عارضة عليها بعد تقييدها بالزمان الماضي، فيقال: إن المراد بالقاتل مثلا إذا أطلق على من انقضى عنه المبدأ، كما في الآية هو المتلبس الآن بالقتل الواقع أمس، فلا يلزم مجاز في الهيئة.
لكن فيه ما لا يخفى من الركاكة كما أشير إليه آنفا.
ويمكن أن يقال: إن إرادة المعنى من اللفظ شيء، والحكم على هذا