يفيد انتفاء هذا الحكم بانتفاء الوصف أولا.
وإيراد ما هو شرط للحكم واقعا بصورة موضوع الحكم وعنوانه شائع كشيوع عكسه، وهو إيراد ما هو موضوع وعنوان للحكم واقعا بصورة الشرط، وهذا هو الشرط الذي يقال: إنه لتحقيق الموضوع، فيحكمون بعدم المفهوم له لذلك، فعلى هذا، يصير معنى قوله تعالى (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما.) ().
- والله أعلم - أنه إن زنت امرأة أو زنى رجل فاجلدوهما، ولا ريب أن هذين الموضوعين، أعني الرجل والمرأة باقيان بعد انقضاء المبدأ عنهما.
لكن لا يخفى أن هذا التوجيه كسابقيه إنما يوجب إطلاق المشتق على الحقيقة، وعدم خلاف ظاهر في هيئته، لكن لا بد من التزام خلاف الظاهر بوجه آخر، فإن ظاهر تعليق الحكم على شيء، كون ذلك الشيء هو الموضوع لهذا الحكم على ما هما عليه من الإطلاق والتقييد، فإرادة تعليقه على غيره واقعا - كما في التوجيه الأخير - أو تقييده واقعا، مع أنه مطلق في الظاهر - كما في الأول - أو تقييد الحكم في الواقع مع أنه مطلق في الظاهر، كلها خلاف الظاهر، فلذا نفينا الفائدة من التعرض له.
ثم إنه ربما يتصرف في الموارد المذكورة في الهيئة، كما في مجاز المشارفة، فيقال: (زيد غريق) مع أنه بعد لم يغرق، فيستعمل اللفظ ويراد به غير المتلبس لإشرافه على التلبس، وكما في صورة استعماله فيمن لم يتلبس بعد بالمبدأ بعلاقة الأول إلى التلبس.
والفرق بينهما أن العلاقة في الثاني إنما هي بحسب قرب الزمان، وفي الأول بملاحظة الذات نفسها، بمعنى أنه يلاحظ الذات اثنتين باعتبار حالتين، فيستعمل وثالثا: أن الاستدلال بالآيتين على ثبوت الحكم لمطلق الزاني والسارق [يتوقف] على وضع اللفظ للأعم، لجواز أن يكون نظرهم في ذلك إلى إثبات الحكم لمن تلبس بالمبدأ حال نزول الآيتين بهما ولغيرهم بأصالة الاشتراك في الحكم الجمع عليه، كما هو الشأن في استدلالهم بمطلق الخطابات الشفاهية على ثبوت الحكم لعامة المكلفين.
ورابعا: أن هذا على فرض تماميته يدل على إرادة الأعم من الآيتين، وهي تستلزم وضع اللفظ له، لكونها أعم من الحقيقة. لمحرره عفا الله عنه.