نقيضها - من بين تلك القضايا المعروفة.
فان قيل: إن حاصل ما ذكرت مناقضة المطلقة العامة لمثلها، واعترفت بأن أهل الميزان بناؤهم على ذكر القضايا المتعارفة، فلم يذكروا أن نقيض المطلقة العامة قد يكون مثلها، مع أنها من القضايا المعروفة.
قلت: هذه مغالطة ظاهرة، فان مرادنا: أن بناءهم في كل مبحث ذكر ما هو المتعارف المنضبط في هذا المبحث، والمطلقة العامة من القضايا المعروفة في مبحث تعداد القضايا، وأما في مبحث التناقض، فهي ليست من النقائض المنضبطة لمثلها، فان مناقضتها لمثلها في بعض الصور، بخلاف الدائمة المطلقة لكونها مناقضة لها دائما، فلذا تركوا هذه وذكروا تلك.
فإذا ثبت ذلك، فقد ظهر فساد الجواب المذكور، فإنا قد وجدنا صحة نفي قولك: (زيد ليس بضارب الآن)، مع جعل الآن ظرفا للنسبة إذا أردت النفي، من جهة كونه من مصاديق ما وضع له هذا اللفظ، فيمتنع حينئذ عقلا صدق قولك:
(زيد ضارب الآن) على الوجه المذكور.
هذا، ثم إنه قد يذكر بعض الوجوه الأخرى للقول المختار، أعرضنا عنه حذرا من إطالة الكلام، مع عدم الحاجة إليه في المقام، لكفاية ما مر في إثبات المرام من الوجهين.
وبأولهما ظهر - أيضا - كون المشتق حقيقة فيمن يتلبس بالمبدأ، بعد حال النطق أو التلبس به قبله، إذا كان إطلاقه عليه باعتبار حال التلبس.
مضافا إلى قيام الإجماع - ظاهرا - على كونه حقيقة في حال التلبس، الشامل لهما، وإلى عدم صحة سلبه عنه في مثل: (زيد كان ضاربا أمس)، أو إنه ضارب غدا إذا أريد به إطلاقه عليه بالنسبة إلى حال التلبس، بأن يكون هو الغد والأمس.
وربما يقال حينئذ: إن اللازم عدم صحة سلب المطلق، لا المقيد، والذي هنا هو الثاني، وهو لا يدل على المدعى، ألا ترى أنه لا يصح السلب عن المعنى المجازي، مع اقتران اللفظ بالقرينة، كما في (أسد يرمي) حيث أنه لا يصح سلبه عن الرجل الشجاع.