الفصل الثاني الإمام المجدد الشيرازي من بعد وفاة علم النهضة الفكرية المرحوم الشيخ مرتضى الأنصاري وزعيم الحوزة النجفية الفقهية والأصولية تعالت الاستفسارات عمن يشغل مركز الزعامة العلمية والدينية ويكون مرجعا للمسلمين عام 1281 ه، وبقيت الأمة المسلمة تبحث عمن يسد هذه الثلمة، ويكون مرجعا لها في تبليغ الأحكام الشرعية، وتبقى الأنظار مشرعة إلى النجف الأشرف وإلى الصفوة المؤمنة من خاصة المرجع الراحل ورائد المدرسة الفكرية في الجامعة النجفية، لتقول كلمتها بشأن المرجع الجديد، وهل في خاصة الشيخ الأنصاري من يسد الشاغر ويغطي منطقة الفراغ؟ كما هناك من غير خاصة الشيخ الأنصاري من يملك المؤهلات التي توصله لهذا المنصب الذي له في نفوس الجماهير القداسة والاحترام، بصفته القيادية والروحية.
والمرجعية عند المسلمين الشيعة تختلف عن غيرهم، فهي لم تكن بأمر من حاكم، ولا بتعيين من سلطان، إنما هي الامتداد الطبيعي لمسلك الأئمة الهداة الميامين من العترة الطاهرة، الذين هم عدل الكتاب جملة وتفصيلا، والذين نص عليهم النبي صلى الله عليه وآله مبتدأ بعلي وخاتما بالمهدي عليهم السلام وإذا ما انتهى الدور إلى المهدي عليه السلام أسند الدور إلى الفقهاء الرساليين الذين يتصفون بالمؤهلات التي توصلهم إلى قيادة المرجعية، والتي هي بمعناها الواسع قيادة الأمة في أمور دينها ودنياها، لا تخضع لإرادة السلطان، ولا بحاجة إلى تعيين الحاكم، إنما هي منصب ديني تشهره المؤهلات العلمية المرتبطة بالعقيدة الإسلامية فقها وتشريعا، وتسدده العصمة الشخصية من الانزلاق في مهاوي الذات ودوافع الدنيا، وخوف الله سبحانه من التدني فيما لا يرضيه ولا يحمده ().