وإن كان على نحو ضيق، ولقد دفع هذا الانتقال بعض الكتاب إلى البحث عن أسباب ذلك، وانتهوا إلى نقاط عديدة أهمها، بروز زعيم حلي للحركة العلمية وهو الشيخ ابن إدريس، والذي وصف بأنه مثل ثورة علمية حول الأنظار إليه، وقصده المشتغلون في علوم الشريعة للاستفادة منه في موضع سكناه، والذي أصبح مركزا علميا من بعده، تناوب على زعامة المركز العلمي في الحلة من بعده الأعلام الحليون أمثال:
المحقق الحلي المتوفى عام 676 ه والعلامة الحلي المتوفى عام 727 ه - وغيرهما من أعلام البيوتات العلمية التي اشتهرت هناك بالفضل والاجتهاد والزعامة الدينية، كآل إدريس، وآل شيخ ورام، وآل فهد، وآل طاوس، وآل نما ()، وغيرهم.
الثاني - ويبدأ في النصف الأخير من القرن العاشر الهجري وقد استعادت الجامعة النجفية مركزها العلمي بعد أن احتضنتها الحلة مدة ثلاثة قرون، وذلك في عهد المحقق الأردبيلي أحمد بن محمد، الذي برز في النجف الأشرف علما شامخا، التف حوله أهل العلم من كل الأطراف، وصارت الجامعة النجفية من أعظم مراكز العلم في عهده ().
وذكر من أسباب عودة الحياة العلمية إلى الجامعة النجفية - بعد انتقالها إلى الحلة - هي:
أن السلطة الجلائرية والإيلخانية - واللتين حكمتا بغداد زمانا ليس بالقصير - كانتا على قصد في إحياء الحركة العلمية في الجامعة النجفية، وجعلها قوة دفاعية للشيعة، ومركزا مهما يقابل بغداد.
ففي بغداد حركة علمية سنية تدار من قبل السلطة الحاكمة حينذاك في العهد العباسي ذات عروق وأصالة، والسلطتان المتقدمتا الذكر هما القوة المقابلة