بحر العلوم الطباطبائي بعد أن عاشت زمانا وهي تتفاعل بتأثيرات المدرسة الفكرية في كربلاء.
ولنا أن نسمي هذا العصر بعصر النهضة العلمية لكثرة من نبغ فيه من العلماء والفضلاء، ولكثرة تهافت الناس على العلم فيه، وازدياد الطلاب ().
وكانت مظاهر هذا الدور بارزة في مجالي الفقه والأصول إلى جانب بقية العلوم التي دللت النجف على اختصاصها بها، بالإضافة إلى الطابع الأدبي.
ففي حقل الفقه: نرى أنه تطور في هذا الدور تطورا محسوسا لما دخله من عنصري البحث والنقد، ولما تحلى به من قابلية النقض والإبرام، والتعمق والتحليل، وخاصة في ملاحظات الروايات من حيث السند والدلالة والفحص عن مدى وثوقها عند الماضين من العلماء الأعلام، وعرض المسائل الفقهية حسب الأدلة الاجتهادية والفقهية.
فالتجربة العلمية التي عاشتها النجف في دورها الثالث في حقل الفقه كان لها الأثر الكبير في إبراز عطاء ناضج يدل على سعة في الأفق، ووفرة في الاطلاع، ولذا وصف بدور التكامل والنضوج.
أما في حقل الأصول: فقد يكون من الواقع أن يطلق على هذا الدور، دور الكمال العلمي، فإن المرحلة الجديدة التي دخلها علم الأصول كان نتيجة أفكار وبحوث رائد المدرسة الأستاذ الوحيد البهبهاني وأقطاب مدرسته الذين واصلوا عمل الرائد حوالي نصف قرن حتى استكمل العصر الثالث خصائصه العامة ووصل إلى القمة.
وما أن بلغ العهد بالمحقق الشيخ مرتضى الأنصاري المتوفى 1281 ه، حتى اعتبر رائدا لأرقى مرحلة من مراحل الدور الثالث التي يتمثل فيها الفكر العلمي