والحفاظ الأذكياء، كان إماما في اللغة والأدب والأخبار وأيام الناس. وقد أخلص نفسه وفكره وعقله لدينه ولغته، وقضى حياته مجاهدا في سبيل إعزازهما والتمكين لهما.
وابن قتيبة من أسرة فارسية كانت تقطن مدينة مرو، وقد ولد سنة 213 في أواخر خلافة المأمون وقد اختلفوا في مكان ولادته فقيل: ولد ببغداد، وقيل: ولد بالكوفة وقد نشأ ببغداد وتثقف على أهلها وأخذ العلم عن رجالها، وقد كانت بغداد تموج حينئذ بأعلام العلماء في كل فن وتهوى إليها أفئدة المثقفين والمتعلمين من أنحاء الدولة الإسلامية.
وقد أثرت بغداد في نشأته الفكرية. وتأثر في شبابه بما كان يدور في أوساط العلماء من جدل وتناظر بين أهل السنة والمعتزلة. فأعجب بآراء المعتزلة - في مطلع شبابه - وكانت آراء المعتزلة وأفكارهم قد غلبت على الحياة الفكرية ببغداد.
ثم اختير لقضاء الدينور، فأقام بها ونسب إليها وهناك اتصل بعلمائها وفقهائها ومحدثيها. ثم عاد إلى بغداد فاتصل برجال الدولة كعادة غيره من العلماء والأدباء.
وفي بغداد انكب ابن قتيبة على الدرس والتحصيل على علماء الحديث وأئمة اللغة والرواية وشيوخ الأدب، وتتلمذ لطائفة من أعلام عصره وروى عن جمع من مشاهير دهره، وأخذ عن كثير من أعيانه وأماثله.
أهم شيوخه:
نذكر منهم: والده مسلم بن قتيبة، وأحمد بن سعيد اللحياني صاحب أبي عبيد، ومحمد بن سلام الجمحي، وإسحاق بن راهويه، وحرملة بن يحيى التجيبي، ويحيى بن أكثم القاضي، وأبو حاتم السجستاني، وعبد الرحمن ابن أخي الأصمعي، ودعبل بن علي الخزاعي، وإبراهيم بن سفيان الزيادي، وإسحاق بن إبراهيم بن محمد الصواف، ومحمد بن يحيى بن أبي حزم القطيعي البصري، وأبو الخطاب زياد بن يحيى الحساني، وشبابة بن سوار، والعباس بن الفرح الرياشي، وأبو سهل الصفار، وأبو بكر محمد بن خالد بن خداش، وأبو