كما مر وإنما يمنع الجمع بالوطء بخلاف الحرة، فإن الممتنع الجمع بالعقد وإن لم يطأ، فالوطء في الإماء منزل منزلة العقد في الحرائر، فكما أن الحرة تحل أختها بطلاقها المزيل للعقد المحرم فالأمة تحل أختها بترك وطئها المنزل منزلة العقد، فإنه مع ترك الوطء تصير مملوكة غير فراش، والملك لا يمنع الجمع، وفيه أن الخبر المزبور مع فقده لشرائط الحجية دال على حل الثانية بالاعتزال، ومحل البحث في الوطء بدون اعتزال في الأولى، على أنه بالنسبة إلى ذلك معارض بما سمعته من النصوص والاجماع بقسميه على عدم حل الثانية لمن وطأ الأولى إلا باخراج الموطوءة عن الملك، بل ولما تسمعه من النصوص (1) في المقام، والاعتبار لا يصلح معارضا للأدلة، فلا ريب في ضعفه، بل وبطلانه، نعم لعل القائل المزبور يريد حرمتهما معا عليه، وحينئذ يكون له وجه تعرفه فيما يأتي.
(وقيل) والقائل الشيخ في النهاية وابنا البراج وسعيد وتبعهم جماعة منهم الفاضل في محكي المختلف وولده والشهيد في شرح الإرشاد والمحقق الثاني في شرحه على القواعد: (إن كان) الوطء (بجهالة) للموضوع أو الحكم (لم تحرم الأولى) عليه كحرمتها حال العلم، بل يجوز له الرجوع إليها إذا أخرج الثانية عن ملكه ولو للعود إليها (وإن كان) الوطء (مع العلم حرمت) الأولى (حتى تخرج الثانية) من ملكه (لا للعود إلى الأولى و) حينئذ ف (لو أخرجها للعود) إليها (والحال هذه لم تحل الأولى) قال فيها ما هذا لفظه:
" لا بأس أن يجمع الرجل بين أختين في ملك، لكنه لا يجمع بينهما في الوطء، لأن حكم الجمع بينهما في الوطء حكم الجمع بينهما في العقد، فمتى ملك الأختين فوطأ واحدة منهما لم يجز له وطء الأخرى حتى تخرج تلك عن ملكه بالبيع أو الهبة أو غيرهما، فإن وطأ الأخرى بعد وطئه للأولى وكان علما بتحريم ذلك عليه حرمت عليه الأولى حتى تموت الثانية، فإن أخرج الثانية عن ملكه ليرجع إلى الأولى لم يجز له الرجوع إلى الأولى، وإن لم يعلم بتحريم ذلك جاز له الرجوع إلى الأولى على كل حال إذا أخرج الثانية عن ملكه ".