(قيل) والقائل جماعة منهم الشيخ في محكي المبسوط وابنا إدريس وحمزة وغيرهم: (بطل نكاحهما) للنهي (1) المقتضي للفساد، وإن لم يكن في عبادة، ولامتناع نكاح كل منهما مع الأخرى، فيمنع العقد حينئذ على كل منهما العقد على الأخرى، والفرض أن نسبته إليهما متساوية، ولا مرجح، وأحدهما لا بعينه يستحيل كونه موضوعا للصحة، فيتعين البطلان.
(و) لكن مع ذلك (روي أنه يتخير أيتهما شاء) وأفتى به الشيخ وأتباعه (والأول أشبه) بأصول المذهب وقواعده عند المصنف وغيره من المتأخرين (وفي الرواية ضعف) في السند على ما رواها في الكافي والتهذيب بعلي بن السندي، وهو مجهول، بل وبالارسال، لأنه رواها جميل بن دراج عن بعض أصحابه (2) عن أحدهما عليهما السلام " أنه قال، في رجل تزوج أختين في عقدة واحدة، قال: هو بالخيار يمسك أيتهما شاء ويخلي سبيل الأخرى " بل وضعف في الدلالة، لاحتمال إرادة الامساك بعقد مستأنف، نحو خبر الحضرمي (3) قلت لأبي جعفر عليه السلام: " رجل نكح امرأة ثم أتى أرضا فنكح أختها وهو لا يعلم، قال: يمسك أيتهما شاء ويخلي سبيل الأخرى " المراد منه قطعا التخيير بين إمساك الأولى بالعقد الأولى وبين طلاقها وإمساك الثانية بعقد مستأنف، ولعل هذا هو العمدة لمن عرفت في ضعف القول المذكور، وإلا فجميع ما ذكر لا يصلح معارضا للدليل الجامع لشرائط الحجية، فإنه مع فرض ظهور دلالته لا يقدح الضعف في سنده بعد رواية الشيخين له، على أنه رواه في الفقيه بطريق صحيح عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام، وليس متضمنا لما هو مناف للعقل، فإن التخيير قد ورد فيمن أسلم عن أزيد من أربع وغيره، فلا مانع من وقوع العقد صحيحا قابلا للتأثير بالاختيار المتعقب له، أو أنه أثر الصحة في إحداهما وله الخيار في التعيين، مثل ملك الصاع من الصبرة وواحد الشيئين