الاختلاف بمجرد التعبير.
وكيف كان فكلام الفقهاء وأهل اللغة متفق على أن إفضاء المرأة شئ خاص، لا أن المراد به مطلق الوصل أو التوسعة أو الشق أو الخلط كي تترتب أحكامه على كل فرد من أفراد ذلك كما هو مبنى كلام العلامة ومن تابعه، ووجود معنى المطلق في ذلك الخاص لا يقتضي كون المراد المطلق وأن ذكر الخاص من المثال، إذ يمكن أن يكون من الألفاظ المشتركة بين العام والخاص، أو أن المعلق عليه الحكم الخاص من حيث الخصوصية ولو للقرائن، خصوصا بعد مخالفة الحكم للأصول والقواعد المناسبة، فينبغي الاقتصار فيه على المتيقن وهو الخاص من حيث الخصوصية.
نعم يبقى الكلام في تعينه من بين الأفراد التي سمعتها أقوالا واحتمالا، ولا ريب في أن المظنون منها ما هو المشهور، للشهرة والاجماع المنقول، وتعارف الوقوع وغير ذلك، وما في الصحاح والقاموس يمكن حمله عليه، وإلا كان خلطا بين المعنى اللغوي والمتعارف بين كثير من فقهائهم، ويمكن أن يكونا من الناس الذين غلطوا في ذلك، المشار إليهم في كلام الشيخ وابن إدريس.
وكيف كان فلا إشكال في وجوب المهر بافضائها مطلقا صغيرة كانت أو كبيرة، حرة أو مملوكة، زوجة أو أجنبية، حل له وطؤها أو حرم، إلا إذا كانت مملوكة له أو محللة أو بغيا غير مملوكة، لاطلاق ما دل على وجوبه الشامل للمقام، خلافا لمحكي الخلاف والمبسوط وظاهر الوسيلة والتحرير في المكرهة على الزنا، فلها الدية دون المهر، وهو كما ترى، ضرورة انتفاء الزنا في حقها مع الاكراه، بل عن ديات الخلاف إجماع الفرقة عليه، ونقل الخلاف عن أبي حنيفة.
ثم إن حكم المهر في المفضاة حكمه في غيرها، وإنما تعرض الأصحاب هنا لئلا يتوهم دخوله في الدية، فيختلف حينئذ في التسمية وعدمها، وبالنسبة إلى عقر الأمة وإن كانت بغيا هل هو مهر المثل أو عشر القيمة في البكر ونصف العشر في الثيب؟ إلى غير ذلك من الأحكام التي لا فرق فيها بين المفضاة وغيرها، نعم هذا كله إذا أفضاها بالوطء، أما لو أفضاها بغيره لم يستقر المهر به في الزوجية، ولم يلزمه مهر في الأجنبية، لأنه منوط بالدخول، وهو مفقود.