حليلته باعتقاد أنها أجنبية، لعدم علمه بالسبب، كما زوجه الوكيل أو الولي ولم يعلم به، أو لظنه الوقوع على وجه فاسد، كما لو زوجه الفضولي وتوهم فساده، فإن ذلك لا يقدح في كون الوطء صحيحا وإن أثم باقدامه عليه معتقدا تحريمه، وإنما فسرنا النكاح بالوطء دون العقد، ليدخل فيه ملك اليمين والتحليل على قول جماعة، فإن النسب يثبت بهما إجماعا مع انتفاء العقد فيهما، وحمله على ما يعمهما والعقد مجازا لا يصح مع وصفه بالصحة، لأن الملك لا يتصف بها، وإرادة سبب الملك مع ما فيه من العبد والمخالفة لما هو المعهود من الاستناد إلى الملك نفسه إنما يصح معها الوصف في السبب الاختياري، كالبيع دون القهري، كالإرث الذي لا يجري فيه التقسيم إلى الصحيح والفاسد كما لا يجري في أصل الملك.
وعلى كل حال ففي مصابيح العلامة الطباطبائي المراد من صحة الوطء كونه مستحقا بأصل الشرع، كما هو مقتضى التفسير المزبور، فإن تعريف المشتق بالمشتق يكون في الأكثر تعريفا لمبدأ الاشتقاق بمبدأ الاشتقاق، إذ القصد في التعريفات إلى بيان المفهوم غالبا دون المصداق، وليس المراد من الصحة هاهنا المعنى المعروف المقابل للفساد، ضرورة كون وطء الشبهة صحيحا بهذا المعنى قطعا، فلا يصح جعله مقابلا للنكاح الصحيح في المتن وغيره إلا مع تقييده بالمستجمع للشرائط، وهو تكلف مستغنى عنه، ومع ذلك فهو خلاف المعهود في الحدود من إرادة المفهوم فيها وفي المحدود، لأن تعريف النكاح الصحيح بالوطء المستحق يكون على هذا التقدير من قبيل تعريف أحد المتلازمين في الصدق بالآخر، كتعريف المتكلم بالكاتب قصدا إلى بيان المصداق دون المفهوم، وحينئذ فلا يتوقف العلم بالنسب على العلم بكون الوطء صحيحا، بل على العلم بكونه فردا للوطء المستحق، وعلى تقديره فالعلم بالصحة لا يتوقف علي العلم بثبوت النسب، فلا دور. والله العالم.
(و) كذا يثبت النسب (مع الشبهة) إجماعا بقسميه، إنما الكلام في المراد به، فقد يقال: إنه الوطء الذي ليس بمستحق في نفس الأمر مع اعتقاد فاعله الاستحقاق أو صدوره عنه بجهالة مغتفرة في الشرع أو مع ارتفاع التكليف