في عقاب الأعمال (1): قال " اشتد غضب الله على امرأة ذات بعل ملأت عينها من غير زوجها وغير ذي محرم منها، فإنها إن فعلت ذلك أحبط الله كل عمل عملته. " نعم في المسالك تبعا لجامع المقاصد لا بد من استثناء الصغيرة التي ليست مظنة الشهوة من الحكم، وكذا العجوز المسنة البالغة حدا ينتفي الفتنة والتلذذ بنظرها غالبا على الأقوى، لقوله تعالى (2): " والقواعد من النساء " ومن استثناء غير المميز بالنسبة إلى المرأة، وهو الذي لم يبلغ مبلغا بحيث يصلح لأن يحكي ما يرى، لقوله تعالى: " أو الطفل الذين لم يظهروا " إلى آخره، ولأنه حينئذ بمنزلة سائر الحيوانات.
وأما المميز فإن كان فيه ثوران شهوة وتشوق فهو كالبالغ في النظر، فيجب على الولي منعه منه، وعلى الأجنبية التستر عنه، وإلا ففي جوازه قولان: من إيذان استئذان من لم يبلغ الحلم في الأوقات الثلاثة التي هي مظنة التكشف والتبذل دون غيرها بالجواز، ومن عموم قوله تعالى: " أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء " فيدخل غيره في النهي عن إبداء الزينة له، وهذا أقوى، والأمر بالاستئذان في تلك الأوقات لا يقتضي جواز النظر، كما لا يخفى. هذا كله مع الاختيار، أما مع الاضطرار فسيأتي.
قلت: قد يقال: إن حكم العورة في الصبي والصبية محدود بالبلوغ الذي هو أول تحقق اسم المؤمن والمؤمنة والرجل والامرأة، فقبله ليستا بعورة لكل من الرجل والمرأة مطلقا، نعم يحرم التلذذ لكل منهما ونحوه، إنما البحث من حيث حكم العورة، قال البجلي (3): " سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الجارية التي لم تدرك متى ينبغي لها أن تغطي رأسها ممن ليس بينها وبينه محرم؟ ومتى يجب عليها أن تقنع رأسها للصلاة؟ قال: لا تغطي رأسها حتى تحرم عليها الصلاة " يعني حتى تحيض أي تبلغ،