ثم إن الصوم ليس عذرا في ترك إجابة الدعوة، للاطلاق، ولقول النبي صلى الله عليه وآله (1):
" إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرا فليطعم، وإن كان صائما فليصل " أي يحضر ويدعو لأهل الدعوة.
والصوم إن كان مما يحرم إفطاره لكونه شهر رمضان أو نذرا معينا أو قضاء شهر رمضان بعد الزوال لم يجز له الأكل، وإلا جاز على كراهة كما في المسالك إن كان موسعا، وإن كان نفلا وشق على صاحب الدعوة صومه استحب له الافطار إجماعا ولأن النبي صلى الله عليه وآله (2) " حضر دار بعضهم فلما قدم الطعام أمسك بعض القوم، وقال إني صائم، فقال النبي صلى الله عليه وآله: يتكلف لك أخوك المسلم وتقول: إني صائم، أفطر ثم اقض يوما مكانه " بل يقوى استحبابه وإن لم يشق على صاحب الدعوة إمساكه، لعموم الأمر في خبر الرقي عن الصادق عليه السلام (3) " لافطارك في منزل أخيك أفضل من صيامك سبعين ضعفا " وصحيح جميل عنه عليه السلام (4) " من دخل على أخيه فأفطر عنده ولم يعلمه بصومه فيمن عليه كتب الله له صوم سنة " ولذلك أطلق المصنف فقال (وإذا حضر فالأكل مستحب ولو كان صائما ندبا) لكن عن التذكرة إنه قرب استحباب الاتمام عملا بظاهر التعليل في النبوي (5) فإن التكلف له يوجب المشقة في تركه غالبا وهو مناط الأمر بالامضاء، وفيه إيماء إلى العلة، فيتعدى إلى ما شاركها في المعنى، وهو مشقة الامساك على نفسه، وفيه أنه لا تعليل يصلح لتقييد إطلاق غيره، فتعميم الاستحباب حينئذ أولى، نعم ينبغي أن يكون الباعث على الافطار إجابة الدعوة وامتثال أمر الله فيها ليكون طاعة يترتب عليه الثواب، وإلا لم يترتب عليه شئ من الثواب، وإطلاق الأمر بالفطر محمول على تصحيح النية اتكالا على أن الأعمال