بل في جامع المقاصد نفي الخلاف فيه بين أهل الاسلام، كما أن فيه أيضا الاجماع على عدم جواز نظر البالغ الأجنبية التي بلغت مبلغا صارت به مظنة الشهوة من دون حاجة إلى نظرها، فإن تم ذلك كان هو الحجة، وإلا كان محل بحث، لكن لا ريب في أنه أحوط.
ويمكن أن يريد البلوغ في معقد الاجماع بل ينبغي تجنبه إذا كان مما يحسن أن يصف ما يرى لعدم ائتمانه، وربما كان وسيلة بوصفه إلى حصول الفتنة، بل ربما يكون من مصائد الشيطان وأحد أبوابه ورسله، قال الصادق عليه السلام (1): " سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن الصبي يحجم المرأة، قال: إن كان يحسن أن يصف فلا. " وأما القواعد من النساء فالذي يظهر بقاء حكم العورة بالنسبة إلى ما يعتاد ستره من الأجساد في مثلهن من البطن ونحوها، نعم لا بأس ببروز وجوههن وبعض شعرهن وأذرعهن ونحو ذلك مما يعتاد في العجائز المسنة. فالمراد من الآية أن القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا أي يئسن من المحيض والولد والطمع في النكاح لكبر السن لا جناح عليهن إذا خرجن من بيوتهن أن يضعن ثيابهن التي يسترن بها، ثياب الزينة وغيرها من الملحفة والجلباب والخمار ونحوها، بشرط أن يكون ذلك لا على وجه التبرج بزينة، بل يكون للخروج في حوائجهن، ومع ذلك فإن يستعففن ويسترن خير لهن، لا أن المراد ارتفاع حكم العورة بالنسبة إليهن الذي يمكن دعوى ضرورة المذهب أو الدين على خلافه، فضلا عن عموم الأدلة وإطلاقها من قوله صلى الله عليه وآله: " النساء عورة " (2) وغيره، وفي خبر يونس (3) قال: " ذكر الحسين أنه كتب إليه يسأله عن حد القواعد من النساء التي إذا بلغت جاز لها أن تكشف رأسها