وواجبها.
وقال ثاني الشهيدين: " إن الإباحة لا تتفق على القول المشهور إلا للغافل عن القصد الراجح، والكلام في الأحكام الخمسة للقاصد، ويمكن فرضه عند الشيخ لمن لم تتق نفسه، فإنه في المبسوط اقتصر فيه على نفي الاستحباب، وظاهره بقاء الإباحة، إذ لا قائل بالكراهة " وفيه أنه يمكن فرض الإباحة على القول المشهور بما عرفت، فلا ينحصر في الغافل عن القصد الراجح، على أن ما ذكره من أن الكلام في الأحكام الخمسة للقاصد لا يقتضي نفي الإباحة مع الغفلة عن القصد الراجح خاصة إن أراد بالقصد مطلق القصد، كما هو الظاهر، وإن أراد به خصوص القصد الراجح فحصر الكلام في الأحكام الخمسة فيه باطل، إذ لا ريب في البحث عنها من دون اعتبار الرجحان، وأيضا ما حكاه عن الشيخ ليس بجيد، لتصريح الشيخ - كما قيل - في المبسوط بأن من لا يشتهي النكاح يستحب له أن لا يتزوج، ومقتضاه كراهة التزويج له، لا إباحته، هذا.
وربما تجري الأحكام الخمسة على النكاح باعتبار المنكوحة، فالواجب التزويج بمن يترتب عليه ضرر يجب عليه دفعه بترك تزويجها، قيل: وما لو علم وقوع الزنا من أجنبية، وأنه لو تزوجها منعها منه ولا ضرر، فيجب كفاية، ويتعين عند عدم قيام غيره به، والمحرم: نكاح المحرمات عينا وجمعا، والمستحب: نكاح المستجمعة للصفات المحمودة في النساء، والمكروه: نكاح المستجمعة للأوصاف المذمومة في النساء ونكاح القابلة المربية، والمتولدة من الزنا، والمباح: ما عدا ذلك، كما هو واضح.
ثم إن الظاهر استحباب التزويج للفقير والغني، بل يكره تركه مخافة العيلة، لقوله تعالى (1): " وانكحوا الأيامى " إلى آخره، ولأن النبي صلى الله عليه وآله (2) زوج فقيرا لم يقدر على خاتم حديد، ولا وجد له إلا أزار، ولم يكن له رداء " وقال:
" من سره أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليلقه بزوجة، ومن ترك التزويج مخافة