لما عرفته من ظهور النص والفتوى بخلافه، مضافا إلى إطلاق الرضاع، فتأمل جيدا.
(و) كيف كان فقد عرفت أنه (لا بد) في التقديرات الثلاثة (من ارتضاعه) أي المرتضع (من الثدي في قول مشهور، تحقيقا لمسمى الارتضاع، فلو وجر في حلقه أو أوصل إلى جوفه بحقنة وما شاكلها) من سعوط وتقطير في إحليل أو ثقب من جراحة أو نحو ذلك (لم ينشر) حرمة، لعدم صدق الارتضاع، ولخبر زرارة (1) عن الصادق عليه السلام " لا يحرم من الرضاع إلا ما ارتضعا من ثدي واحد حولين كاملين " الذي هو نص في المطلوب وإن كان ظاهره غير مراد، فيبقى حينئذ عموم الحل سالما بعد حرمة العمل على العلة المستنبطة، خلافا للعامة للقياس المعلوم بطلانه عندنا بعد فرض حصول موضوعه، بل عن بعضهم الحرمة بالسعوط، لأن الدماغ جوف للتغذي كالمعدة، أو لأن الحاصل فيه ينحدر إليها في عروق متصلة بها.
(وكذا لو جبن فأكله جبنا) بلا خلاف أجده في شئ من ذلك بيننا، بل في كشف اللثام نسبته إلى علمائنا أجمع إلا في الوجور، فاعتبره الإسكافي والشيخ في موضع من المبسوط، مع أنه قوى المشهور في مواضع أخر، للمرسل (2) عن الصادق عليه السلام " وجور الصبي اللبن بمنزلة الرضاع " ولكن مع فقده شرائط الحجية وعدم صراحته لاحتمال إرادة المنزلة في الغذاء ونحوه قد أعرض عنه الأصحاب، ولدعوى شمول الرضاع، وهي ممنوعة، ولأن العلة في التحريم الانبات، وهو حاصل بالوجور كالرضاع، وفيه منع كون العلة ذلك، ومنع العمل على العلة المستنبطة، ويمكن أن يكون للرضاع مدخلية، فلا إشكال حينئذ في عدم اعتبار الوجور.
بل لا يبعد أن يكون في حكم وجور الحليب الوجور من الثدي، فإن المعتبر هو ما كان بالتقامه الثدي وامتصاصه، كما صرح به في كشف اللثام، بل قد يشك