والطوسي وأبي المكارم، بل حكي عن المرتضى وإن كنا لم نتحققه إلا أن ذلك لم يبلغ حد الاشتهار، خصوصا بعد أن كان خيرة الشيخ والطبرسي وغيرهما من القدماء الخمس عشرة، بل حكي عن أتباع الشيخ، بل لعله خيرة أئمة الحديث وفقهاء أصحاب الأئمة، كمحمد بن أحمد بن يحيى، وأحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن أبي عمير، والحسن بن محبوب، وحماد بن عثمان، وعلي بن رئاب، وهشام بن سالم، وغيرهم ممن اقتصر على رواية الخمس عشرة دون العشر، كما عساه يومئ إليه ظهور دعوى الشهرة من محكي المبسوط والتبيان ومجمع البيان، بل ربما ظهر من عبارتي الخلاف والتذكرة إجماع الإمامية على ذلك، خصوصا الأخيرة، قال فيها: " الرضاع المحرم ما حصل به أحد التقديرات الثلاثة: إما رضاع يوم وليلة، أو رضاع خمس عشرة رضعة، أو ما أنبت اللحم وشد العظم عند علماء الإمامية - ثم قال -: يشترط توالي الرضعات من المرأة الواحدة، فلو تخلل بين العدد رضاع امرأة أخرى لم ينشر الحرمة، ولم يعتد برضاع شئ منهما ما لم يكمل رضاع إحداهما خمس عشرة رضعة متوالية، فلو رضع من إحداهما أربع عشرة رضعة ثم رضع مثلها من أخرى لم يعتد بذلك الرضاع عند علمائنا أجمع " وإن كان هو مع شهرة الخلاف المزبور كما ترى، لكن لا ريب في استفادة شهرة هذا القول أيضا بين القدماء.
ومع ذلك هو في غاية البعد عن أقوال العامة رواياتهم، فإن للقائلين بالعدد منهم ثلاثة أقوال:
(أحدها) الثلاث، وبه قال زيد بن ثابت وأبو ثور وابن المنذر وداود وأهل الظاهر، لمفهوم قوله صلى الله عليه وآله (1): " لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان ".
(ثانيها) الخمس، وهو المشهور بينهم، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق وطاووس وعطا وسعيد بن جبير و عبد الله بن زبير و عبد الله بن مسعود وعائشة، لما رووه (2) عنها أنها قالت: " كان فيما أنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم