الأول لأن هارون بن مسلم من أهل الجبر والتشبيه، بل هو تارة رواها عن أبي عبد الله عليه السلام بلا واسطة وأخرى رواها عنه عليه السلام بواسطة مسعدة بن زياد العبدي - دلالتهما بالمفهوم الذي هو أضعف من المنطوق، على أن الأول إذا كان الظرف فيه متعلقا بالبأس المنفي اقتضى مفهومه تحريم ما دون العشر أيضا مع الاجتماع، ولا ينافيه خبر عمرو بن يزيد، لامكان ذلك فيه، وإلغائه بالنسبة إلى ذلك ليس بأولى من إلغائه بالنسبة إلى الجميع، على أن يكون المراد منه عدم المحرم على سائر الوجوه بخلاف العشر، فإنها قد تحرم فيما لو فرض حصول الانبات بها على نحو الخمس عشرة، على أنه يمكن كون المراد منه ما سمعته من خبر موسى بن بكير المتقدم المعلوم عدم إرادة المفهوم منه.
وأما خبر عبيد بن زرارة (1) فهو بالدلالة على خلاف المطلوب أولى، ضرورة ظهوره في كون الجواب " لا " وإلا لذكره، على أنه هو بنفسه روى (2) عن الصادق عليه السلام عدم إنبات العشر، وكذا خبره (3) الآخر الظاهر في نسبة الانبات بها إلى غيره، سيما بعد الاعراض عن جوابه ثانيا، بل هو ظاهر في الخروج مخرج التقية.
والفقه المنسوب إلى الرضا عليه السلام لم تثبت حجيته عندنا، بل لعل الثابت عدمها.
ومن ذلك كله يظهر لك فساد ما عساه يقال: إن القول بالعشر تجتمع عليه جميع الروايات بعد حمل مطلقها على مقيدها على معنى حمل ما دل على النفي بالعشر على المتفرقات، وما دل على الثبوت بها على المجتمعات، ضرورة عدم المكافئة سندا ودلالة، على أنه لا يتم في مثل مرسل (4) المقنع، بل ولا في موثق زياد بن سوقة (5) الذي هو كالتصريح في التحديد بالخمس عشرة، خصوصا بعد ملاحظة