وأغرب منه ما عن الشيخ في التبيان وابن إدريس في السرائر من حكاية ذلك عن بعض أصحابنا ولم نعرفه، نعم عن المصري في دعائم الاسلام إنه روى (1) عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: " يحرم من الرضاع كثيره وقليله حتى المصة الواحدة " ثم قال وهذا قول بين صوابه لمن تدبره ووفق لفهمه، لأن الله تعالى شأنه يقول (2) " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم " والرضاع يقع على القليل والكثير، وعن ابن الجنيد إنه قال: قد اختلفت الرواية من الوجهين جميعا في قدر الرضاع المحرم، إلا أن الذي أوجبه الفقه عندي واحتياط المرء لنفسه أن كلما وقع عليه اسم رضعة وهو ملأة بطن الصبي إما بالمص أو الوجور محرم للنكاح، إلا أنه قد استقر المذهب على خلافهما وعلى رميهما بالشذوذ، مع أنه لا دليل لهما إلا العمومات ومكاتبة علي بن مهزيار (3) في الصحيح لأبي الحسن عليه السلام " يسأله عما يحرم من الرضاع، فكتب إليه: قليله وكثيره حرام " والضعيف برجال العامة والزيدية عن زيد بن علي (4) عن آبائه عن علي عليهم السلام إنه قال: " الرضعة الواحدة كالمائة رضعة لا تحل له أبدا " والقوي (5) " الرضاع الذي ينبت اللحم والدم هو الذي يرضع حتى يتملأ ويتضلع " والحسن المضمر (6) " سألته عما يحرم من الرضاع، قال: إذا رضع حتى يمتلئ بطنه، فإن ذلك ينبت اللحم والدم، وذلك الذي يحرم ".
لكن الجميع كما ترى ضرورة تخصيص العمومات، وقصور غيرها عن معارضة النصوص الصحيحة الصريحة المشهورة رواية وفتوى بما فيها من الشذوذ والضعف