ثم إنه لا ريب في اختلاف الحال هنا باختلاف اللبن والأولاد وكمال الرضاع ونقصه والزمان والمكان، وفي حصوله بما دون العدد المعتبر والمدة؟ وجهان من الأصل وعموم الموثق وغيره، ومن عدم اشتراط الانعكاس في العلامات، فيحمل العموم على نفي التحريم بالنظر إلى بعضها، فلا ينافي التحريم ببعض آخر، ولعله الأقوى، وبه قطع في المسالك.
(وثانيهما) أن يتحقق الرضاع مدة طويلة كشهرين وثلاثة مثلا مع اختلال شرط الزمان والعدد، كما إذا كانت الرضعات ناقصة واشترطنا الكمال في المدة كالعدد، أو تحقق الفصل في المدة قبل إكمال العدة وقلنا بعدم اشتراط التوالي في النشر بالأثر، فيحكم بالتحريم بهذا الطريق، لأن العادة قاضية باستقلاله مثلا في إنبات اللحم وشد العظم وإن لم يرجع فيه إلى أهل الخبرة، وهذا القسم وإن لم يصرحوا به إلا أنه داخل فيما قالوه، ولا ينافي ذلك قول الصادق عليه السلام في مرسل ابن أبي عمير (1) السابق: " والرضاع الذي ينبت اللحم والدم هو الذي يرضع حتى يتملأ ويتضلع وينتهي من نفسه " من حيث ظهوره في اعتبار الكمال في الانبات، فالناقصة حينئذ لا تنبت، لاحتمال كون المراد الانبات الذي يحصل من المدة والعدد اللذين هما علامتان شرعيتان له، لا عدم حصول الانبات مطلقا، ضرورة مخالفته للوجدان، وكذا اعتبار التوالي في المدة والعدد، فإن المراد نفي كونهما علامة له مع عدم التوالي فيهما، وذلك لا ينافي تحققه من طريق آخر كطول المدة ونحوها، فتأمل جيدا.
(و) كيف كان فقد عرفت أنه (لا حكم لما دون العشرة إلا في رواية شاذة) (2) وإن صح سندها قد أعرض عنها الأصحاب واستفاضت النصوص بخلافها، ولم نعرف عاملا بها سوى ما عرفته من الإسكافي الذي استقر المذهب على خلافه في ذلك، بل لعله قبله كان كذلك نحو ما سمعته من المصري أيضا، فليس هو حينئذ محرما مستقلا، ولا كاشفا عن الانبات شرعا، ولا عند أهل الخبرة غالبا، ولو فرض نادرا حصول المرتبة المحرمة من الأثر به أمكن تحقق التحريم به، ولا ينافيه