إليه بجعله مفسرا له، ويحتمله كلام المفيد والديلمي وابن سعيد، بأن يكون وجه التخصيص فيه إجمال الحد عندهم بالانبات والاشتداد، لا عدم اعتباره من أصله، ومقتضى هذا القول سقوط الفائدة في هذه العلامة، والاستغناء عنها بالزمان والعدد، والمشهور بين الأصحاب أنها علامة مستقلة مقابلة لهما غير متوقفة عليهما، وبه قال الشيخ في النهاية والخلاف والقاضي والحليون الثلاثة والشهيدان والمحقق الكركي وعامة المتأخرين، وهو الأصح، إذ المستفاد من النصوص حصول التحريم به، سواء وافق أحدهما أو خالف، ولا ينافي ذلك الموثق (1) " لا يحرم الرضاع أقل من رضاع يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة متواليات " بعد ظهور كون المراد نفي التحريم من هذه الجهة كما أن تعليل عدم النشر بالعشر بعدم إنباتها اللحم لا يقتضي كونه الأصل وأنهما علامتان، إذ لعل المراد عدم نشره الحرمة من هذه الجهة، وأما العدد والزمان فالمفروض نفيهما.
نعم قد يقال إن حصر الرضاع المحرم في كثير من النصوص بما أنبت اللحم مع الإشارة في بعضها إلى أن التحريم بالعدد لكونه محصلا لذلك حتى أنه أومأ إلى التعريض بما عند العامة من كون العشر تنبته يقتضي أنه الأصل كما هو ظاهر المصنف وغيره، بل لعله لذا وغيره قال في كشف اللثام: " الأظهر في الاعتبار والأخبار كون الأثر هو الأصل، والباقيان علامتان له " انتهى. لكن لا تنحصر علامته فيهما، فقد يتحقق عند أهل الخبرة، بل وعند غيرهم ذلك بدونهما، فالمراد حينئذ من كونهما علامتين الحكم بالتحريم بحصول الأثر عندهما وإن لم يظهر ذلك لأهل الخبرة، لا أن المراد حصر ذلك فيهما وجودا وعدما على وجه يقتضي سقوط هذه العلامة، بل قد يقال إنه لو فرض ولو نادرا معلومية حصول الأثر بالأقل منها ترتب التحريم، نعم قد يشك في ترتبه لو فرض نادرا عدم حصول الانبات مع حصولهما، ضرورة منافاة ذلك لكونهما علامتين، ولا طلاق تحقق التحريم بتحققهما وتنزيل ذلك على الغالب ليس بأولي من جعل ذلك حكمة في دوام حصول التحريم بحصولهما، بل لعل هذا أولى بملاحظة نظائر ذلك في الشرع.