بماء كثير، فيكون المجزئ منه ما كان مثل الدهن، والمستحب ما اشتمل على الاسباغ وهو يحصل إما بغرفة واحدة ملأ الكف مع البلاغة فيها، أو يحصل بغرفتين بدون المبالغة، وجمع بذلك بين جميع الروايات حتى الوضوءات البيانية. إذ هو - مع أنه مناف للاجماع من جواز الثانية وأنها ليست بمحرمة، وما ادعاه من حمل كلام الصدوق عليه والكليني قد عرفت أنه لا صراحة فيهما بذلك سيما الثاني، بل والأول أيضا، لما عنه في الأمالي أنه نسب الجواز إلى اعتقاد الإمامية - لا يتجه بالنسبة إلى رواية داود ابن زربي ولا رواية علي بن يقطين، لكونهما كالصريحتين في إرادة الغسل، بل وكذا غيرهما كخبر الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام) المتقدم سابقا، ونحوه ما صدر من بعض متأخري المتأخرين مما ينافي بظاهره الجمع، ومنشأه سوء الطريقة والاعراض عن كلمات أصحابنا الماهرين الذين هم أعلم بمضامين أخبار الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وإلا فلولاه لأمكن الجمع بين الروايات بأمور أخر، منها أن يقال: إن المستحب الغسلة الواحدة، فمن غسل مرتين كان ناقص الأجر، على معنى أن للمستحب فردين، أشقهما أقلهما ثوابا كما يشعر به خبر البزنطي المتقدم سابقا، وغير ذلك من الوجوه، والله أعلم.
ثم اعلم أن ظاهر الأصحاب استحباب الغسلة الثانية، فلا يجوز حينئذ جعل الأولى مستحبة، والثانية واجبة، ولعله كذلك، لكونه المتبادر من النصوص، كما أن الظاهر المتبادر استحباب الثانية بعد تمام الغسلة الأولى، وإلا فمتى كان العضو ناقصا لم يحصل الاستحباب، بل الظاهر عدم الاكتفاء بالتبعيض على معنى غسل بعض العضو ثم يغسله ذلك مرة أخرى ثم يتم الأول ثم الثاني، نعم الظاهر جواز التبعيض بالنسبة إلى الأعضاء على معنى غسل الوجه مرتين دون اليدين مثلا، والمرجع في تحقق الغسلة الثانية العرف، فلا يصدق على آنات المكث بالنسبة للوضوء بالارتماس أنه غسل ثان أو ثالث، وكذا ما يحصل للانسان من إمرار اليد على العضو مرات زائدة على مقدار الواجب، لكن لعل